الصعب في حياتنا يبدو سهلا قبل ان يقع الامر ، هكذا بدأنا الحديث ، مع صديقي الذي كنت أستمع إليه بكل حواسي ، هو مغترب في دولة عربية منذ ٢٦ عاماً ، يتحدث عن إنهاء خدماته في مؤسسة أنفى فيها ربع قرنٍ من العمر ، عاش كل حالات الصعود والهبوط ، كان يشعر بقمة الانتماء لعمله والاخلاص لأصحاب المال ، لقد بات يشعر في السنوات العشرة الماضية انه يمتلك اكثر من وظيفة ، حب الناس واحترامهم وتقديرهم له وإنجازاته من اعمال ،الحياة كانت هناك تبدو سهلة ولا يوجد ما يدعو للقلق او الخوف .
نعم وقعت الواقعة ...
عندما بدأت الازمة في زمن الكورونا وظهرت كل العقول تفكر بآليات جديدة لتفادي الوضع الاقتصادي والتعامل مع الجائحة ، نجح الأغبياء في تصدر الموقف وقيادة المشهد نحو الظلام وسدل الستار على كل إنجازات وفرص الاخرين ، اغبياء نعم لكن الخبث والخيانة طبعهم .
هذا زمن الاغبياء ...
هكذا عبر صديقي عما يدور في نفسه بعد حوار طويل ، لقد اعجبني الوصف لما نعيشه من ظهور الاغبياء وتصدرهم المراكز والسلطة والتحكم بالاخرين ، لقد كان تعبيرا واضحا جدا يفسر ما نعاني منه جميعا من ضياع للفرص او الحقوق ، تخيلوا معي ما المتوقع من غبي ان يقدم للمجتمع غير قصص وطرف تظهر كم يحمل من نقص في كل شئ ، الغبي كلمة قد تفسر وجود الخلل وتحل لغز التخلف والتراجع ، الغبي شخص مميز إستطاع بخبث ان يسقط الآخرين ويرقص كالمجدوب فرحا ً بخسارة كبيرة هو سببها للمجتمع والوطن .
في زمن الاغبياء لن نحتاج لدراسة تفسر سبب المشاكل الاجتماعية والاقتصادية ولا نحتاج لخبراء لوضع خطط مستقبلية من اجل تحقيق التنمية والنهوض بالاقتصاد ، في زمن الاغبياء سيكون علينا التفكير فقط في ايجاد طريقة لحماية الاجيال من هذا الوباء البشري المتجسد في اشخاص يعيثون في الارض فسادا .
اقول لصديقي ..هل ستعود للاردن ؟؟
كنت اترقب الاجابة ولم اتفاجئ عندما قال طبعا لا ..
الاولاد والاهل كلهم رافضين العودة ، الظروف ليست مشكلة بل الناس والجو العام لا نشعر بأمان كأنها غابة ، نحن لا نعرف احد ولسنا من عشيرة كبيرة ولا يوجد لدينا ظهر في الحكومة ، لماذا نعود ونعاني من كل هذا ، سنبحث عن بلاد يعيش فيها ابنائي بسلام ويحصلون على دراسة جيدة جدا ونعيش بقانون يحترمه الجميع ويقفون امامه سواسيه ، ثم إسترسل يقول .. الجيل القادم لا تربطه الأوطان بل الأرزاق والكرامه والاحترام ، لن يهتموا أين ولدوا بقدر إهتمامهم كيف يعيشوا بإنسانية ويتم تقييمهم بناء على قدراتهم وكفائتهم وليس للواسطة او المحسوبية او العشيرة او الغباء المميز .
اه آه ... يا صديقي ..
اوجعني كل ما سمعته من وصف وتوصيف أصبحت أفكر بكل شيء بالواقع الذي نعيشه حقيقي ام افتراضي هل فعلاً أصبح الاغبياء يتصدرون كل المواقع ، نحن جيل ظَلَمَنا من قبلنا من الاباء وظَلَمنا من سياتي بعدنا من الابناء ، ورثنا قيم ومبادئ ووطن ، ولكي نعيش تنازلنا وسمحنا لهم بيعها في مزادات الجشع والجوع والجهل ، فَوَرثنْا القادمين فراغا يعيشون فيه صراعات كثيرة ونسينا جميعا ً اننا ولدنا من رحم الوطن ، حزني لك وعليك يا وطني الارمل قلتنا فيك الطفولة وعاش اليوم الاغبياء يستعرضون الفرص .
هكذا أنهينا اللقاء بصمت وحذر ، شكرا صديقي أرجو لك من الله التوفيق ، لا تنسى ان تخبر ابناءنا أننا جميعا يوما ما سنعود للوطن ان لم تعود اجسادنا فالروح معلقة برحم الوطن ، عاش الاردن ومليكه وولي عهده وحمى الله الشباب .