تثنية في مقام التوكيد على ما ذهبت إليه في مقالتي السابقة ، وهو مما لن يكون وبصراحة بعيداً عن ما دار في فلك الردود عليها ، لكنها بالقطع لن تكون حجر الرحى كي لا تكون المحصلة أننا ننفخ في قربة مثقوبة ، مع الاستدراك من قبل ومن بعد بأن هذه الردود هي موضع تقدير ومحل نظر سلبها قبل إيجابها ، لا بل أنها ستكون بعض زادي في رحلة الكتابة عن هذه الحركة الوطنية في مقبل الأيام ، التوكيد على أننا مع جماعة الإخوان المسلمين الوطنية العريقة التي عاشت في الكنف الهاشمي ، منذ نصف قرن من الزمان أي منذ استقلال المملكة وفي جميع عهودها الأربعة الميمونة ، وبادلت ملك كل عهد إخلاصاً بإخلاص وتوقيراً بتوقير بلغ ذلك أوجه في عهد جلالة الملك الحسين طيب الله ثراه .نحن معها طالما هي في خندق الوطن – وهي لكذلك بالفعل ، تحفظ له مكانة قيادته الهاشمية السامقة كمرجعية للأمتين ، وطالما أنها بجماهيريتها الكاسحة حتى عهد قريب وبقواعدها الشعبية الموقرة – وهي لكذلك أيضاً ، تقوم مقام اللسان والشفتين وبعضاً من قدح الفكر الراشد للقيادة الهاشمية المظفرة ، في تبنيها لرسالة الإسلام السمحة و نشر الوعي الوسطي ، وبأن تنأى بهذه الجماهير في الشارع الأردني عن العنف والتكفير والإرهاب ، وبهذا المعنى فلن يكون من تثريب علينا حين نكون معها ووفق المواثيق أنفاً ، حتى في انتساب الجبهة إليها لا العكس إذ ليس في الطبائع والنواميس أن ينتسب الابن إلى الأب ، ذلك أن الجماعة تضطر أحياناً أن تلعب هذا الدور من باب رأب الصدع أو كبح الجماح و .. لن أزيد .
نحن أيضاً مع الجماعة / الحركة وابنتها الجبهة / الحزب ، ونحن نرى إلى الأداء النقيض المرعب في غير قطر عربي شقيق ، مع أنه لا قياس لكن لا بأس بالإشارة إلى أن 160عضواً من حركة الجهاد المصرية ، قد أفرج عنهم أمس الأحد بعد أن وقعوا اعتذاراً مكتوباً عما اقترفوه واعترفوا بأنه كان خطراً على الشعب والنظام المصريين ، ما يذكرنا بالمناسبة بحكمة صاحب القرار في الشقيقة السعودية باستتابة عدد من المعتقلين ، نحن بحمد الله ليس لدينا ما يُقارن بالذي في العراق ولبنان ومصر والسودان والجزائر وغيرها على مستوى الحركات والمعتقلات ، إذ لم يعد لدينا من سجون أو معتقلات تحوي معتقلين سياسيين بل لدينا مراكز إصلاح وتأهيل ، وهي مراكز مفتوحة دوماً برغبة حضارية وشفافية مطلقة من صانع القرار لأي سائل أو طالب معلومة ، فهل نحن بذلك لسنا مع الجماعة التي وصفتها وما زلت أصفُ رموزها بالكبار الحكماء الموقرين ، وهم كانوا دائماً العقل الراشد للجسد الحزبي في البلاد بل وشاركوا في حكومة الرئيس الأسبق مضر بدران ؟!
نحن لسنا مع تيار جبهويٍّ بعينه وفقط منذ فترة قد تكون منذ أواخر العام الماضي ، يريد أن ينسف هذه العلاقة السامية بين الشارع والنظام في جانب والجماعة الموقرة في جانب آخر ، وهو خلل كنا وما زلنا نحذر من عواقبه و أهمها النيل من وحدة الجسد الإخواني ، وإلا بماذا نفسر ونتيجة لخلل شبيه قديم خروج الذوات مع حفظ الألقاب عبد الرحيم العكور وبسام العموش وعاطف البطوش وغيرهم وغيرهم ؟، لقد أشدت غير مرة بمواقف الحركة و جماعة الإخوان وابنتها جبهة العمل الإسلامي ، وكانت آخر مقالاتي الثلاثة منذ شهور قليلة قد أجابت وبمنتهى التوقير والشفافية على هذا الذي أنفت ، فمقالتي الأولى كانت في الإشادة إيجابياً بمواقف سماحة المراقب العام سالم الفلاحات ، في مقابلته الشهيرة التي أجراها معه في صحيفة الرأي الأستاذ مجيد عصفور ، والثانية كانت في أداء نواب الجبهة في مواقف بعينها والثالثة في إحدى هذه المواقف ، وهو موقفهم الوطني في العدول عن قرارهم بمقاطعة جلسات النواب تحت القبة الموقرة ، لا بل .. وأخيراً ، أن مقالتي السابقة حول لقاء الساعات الخمس بين الرئيس البخيت وقيادات الحركة ، تنزل في ملة واعتقاد من قرأوها جيداً في باب تقدير المواقف الوطنية للجماعة وجبهتها الموقرتين ، إذ ليس خارقاً الخلوص إلى أن الحزم في توضيح الأمور وحسم المواقف في اللقاء آنفاً ، لا بد وسيؤتي أُكله ثمراً وطنياً طيباً على الحراك السياسي في الأردن .]
Abudalhoum_m@yahoo.com