الأردن بيئة آمنة .. الحذر مطلوب
احمد عبدالفتاح ابو هزيم
07-07-2020 10:56 AM
كوفيد19 دخل التاريخ من أوسع أبوابه كقوة خارقة تعمل بصمت وتضرب بقوة، وتزلزل أعتى أنظمة الصحة في العالم، واستطاع فرض إيقاع حياة يومية غير معتادة على بني البشر. عادات معتادة تلاشت، وأنماط غريبة وهجينة سادت، عدالة متناهية في الاجتياح، وتحذير وإنذار قبل الهجوم. على الجميع التغيير ما قبل كورونا ليس كما بعده على عكس 11 سبتمبر حيث كانت سياسة الولايات المتحدة الأمريكية انتقائية في الانتقام وما زال وطننا العربي يدفع الثمن.
على الصعيد الدولي لم ينجو بلد من تداعيات الجائحة مع الاختلاف في حجم الأضرار الصحية والاقتصادية والاجتماعية، وما زال الوباء ينتشر والمعاناة تزداد واغلب الدول تبحث عن التعايش ومعالجة التداعيات أولا بأول لا تشغل نفسها بإحصاء الخسائر وجني الأرباح. الهم يتركز على عبور المرحلة مهما بلغت الكلف، ومما يزيد الأمر تعقيداً وحتى أعداد هذا البيان أن إعلان النصر على الوباء بإنتاج لقاح أو إيجاد علاج ما زال بعيد المنال بحساب الزمن الكوروني. فعامل الوقت لا يهم وأداة القياس أصبحت حجم الإصابات وعدد الوفيات ومقدار حالات الشفاء.
والخوف من موجات متلاحقة هو الهاجس الغالب مما يترتب عليه زيادة في الاحتياطات والاشتراطات الصحية الوقائية قبل اتخاذ أي أجراء لعودة الحياة لطبيعتها والحذر كل الحذر من أي انتكاسة، ومن المؤكد أن أي أجراء صحي وقائي يحظى بقبول الجميع.
في اردننا الأعز والأغلى المغالاة الحكومية في الإجراءات الصحية المتخذة لها ما يبررها، حيث استطعنا بتظافر الجهود الرسمية والأهلية من استيعاب الصدمة الأولى بكل جدارة واقتدار واحترافية مع الاعتراف الواضح والصريح بالخسائر المادية الكبيرة التي تكبدها الجميع بلا استثناء، وتبقى هذه الخسائر صغيرة مقابل الحفاظ على حياة المواطنين، وعامل الحسم في قبول هذه المعادلة موجود في كينونة الأردني المشبعة أيماناً والمتوارثة شعبياً والمتمثلة بتغليب الحياة على المادة.
لا يخفى على احد أن من اهم الإجراءات الحكومية التي ساهمت في السيطرة الأردنية على تغلغل الفايروس في المجتمع الأردني بكافة فئاته، ومنعه من دخول المملكة بموجات متلاحقة هي ضبط المنافذ الحدودية البرية والبحرية والجوية وإغلاقها بالكامل منذ منتصف أذار المنصرم، وما الحديث عن معاودة فتح بعض هذه المنافذ وخصوصا الجوية على اعتبار أن الأردن بيئة امنة اذا لم يقترن بضوابط مشددة ما هو إلا عودة للمربع الأول وينذر بخطورة كبيرة وينسف جميع الجهود السابقة، حيث أن موجة جديدة من الوباء لا قدر الله قد لا يقوى عليها جهازنا الصحي الصامد والمتعب منذ عدة اشهر والذي استطاع وقف زحف الفيروس بكل حكمه وحنكه .
لا يختلف اثنان على نجاعة الإجراءات الاستباقية والاحترازية التي اتخذتها الدولة بجميع أجهزتها، والخطط الصارمة التي وضعت لتطبيقها، والتي تستند على ثلاث محاور رئيسية كما أعلنها وزير الدولة لشؤون الأعلام، وهي الاستجابة السريعة، والتكيف والحماية، والتعافي وتعزيز المنعة، وما توجه الحكومة بالإعلان عن السماح بالسياحة الطبية وهي بالتأكيد آمنة من حيث مسار القادم للعلاج وسهولة ضبط إيقاع حركته على عكس السياحة الترفيهية والدينية والتاريخية والتراثية وغيرها، إلا دليل على التوجه الرشيد في سياسة الفتح والأغلاق لضرورات المرحلة لخلق مناخ ملائم يخفف من الأعباء الاقتصادية على القطاعات التجارية وخصوصاً القطاعان السياحي والطبي.
وفي خضم نشوة تباهي المنظومة الرسمية والشعبية بالسيطرة على الفايروس محلياً الى حد بعيد، وهذا بالفعل حقيقة يتمنى كل مواطن أردني أن يبقى الحذر ملازماً لاي قرار حكومي مستقبلي، فما كسبناه من جرعة الثقة بالنفس غير مستعدين لخسارتها.
حمى الله الأردن واحة امن واستقرار