جولة نتنياهو الخاسرة اليوم في ضم الاغوار وان كان الاعلان عن تأجيل تنفيذها تقرأ من عدة جوانب وتؤشر على وقائع حاضرة ومستقبلية يمكن ابرازها ودراستها والبناء عليها،سواء مستقبل نتنياهو السياسي له خصوصا ولحكومته عموما، وعلى صعيد الموقف الامريكي المتردد في دعم نتنياهو كما فعلت ادارة ترامب في نقل السفارة الامريكية الى القدس.
انقسام الشارع الاسرائيلي بدا جليا في استنباط ثلاثة مواقف باتجاه مؤامرة سرقة اراضي وسيادة الاغوار الفلسطينية ؛ فالمستشارون من المتقاعدين في الامن القومي وجدوا المشهد سلبيا مليئا بالسوداوية التي قرأت سيناريوهات المشهد بأنه سيؤدي الى انهيار السلطة الفلسطينية؛ زيادة لحدة التوترات مع الأردن؛ وتشتيت الانتباه عن الجدل حول إيران؛ الإضرار بالعلاقات مع الحكومات العربية التي لا ترى أن هناك مجالا للتوفيق بين التطبيع وعملية الضمّ؛ والإِضرار بالعلاقات مع الاتحاد الأوروبي؛ والانزلاق نحو واقع الدولة الواحدة، اما الفئة الثانية فهم المستوطنون الذين شجعوا وايدوا مخطط السرقة بهدف تحقيق العيش داخل اسرائيل ككيان واحد، الا ان الاغلبية منهم وجدت في القرار ايضا سلبيات عارضت القرار بحجة ان ٣٠ % لاسرائيل تعني ان ٧٠% للفلسطينيين ستكون خطرا وجوديا عليهم.
واذا اردنا ان نفرز الموقف الثالث فهي مجموعة السياسيين الخليط بين مختلف الاحزاب في داخل الكيان التي ذهبت الى تأييد خطة ترامب للسلام واقامة دولة فلسطينية، وتجد ان فكرة ضم ٣٠ % من اراضي الاغوار مهمة صعبة في الوقت الحالي،وخصوصا ان جهاز المخابرات (الشاباك ) الاسرائيلي قدم دراسات وتوصيات على مخاطر الضم، يجدها هذا التيار الذي يبرز فيه وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس ووزير الخارجية غابي أشكنازي،اللذين يؤيدان وحدهما تقريباً رؤية خطة ترامب للدولة الفلسطينية. ومن خلال التركيز على الحاجة إلى إجماع إسرائيلي على أي تحركات بشأن الأراضي.
على صعيد الادارة الامريكية فإن الصورة على ضبابيتها وارسال رسائل «التحفظ» على قرار حكومة نتنياهو فإن الإدارة الأمريكية ربما ستمارس مزيدا من الضغط على الحكومة الإسرائيلية وإقناعها أن أية خطوات أحادية من جانب إسرائيل لن يكتب لها النجاح، وستزيد أعضاء نادي الرافضين للسلام في المنطقة، وتقوى من خطاب القوى الراديكالية.
ورغم دخول تموز في اسبوعه الاول فإن ملف ضم الاغوار او اراض منه ما زال مفتوحا، ورغم كل المواقف الاسرائيلية والامريكية المتحفظة والمعارضة لخطة نتنياهو،فإن الاخير قد يتصرف ايضا احادي الجانب ويمضي الى فرض خريطة جديدة للتفاوض تستبدل فكرة ١٠٠%من الاراضي الى ٧٠%، وتدخل الصراع من جديد الى ساحة مفتوحة من المواجهة في الشارع، وعبر المحكمة الدولية التي تتربص بمحاكمة اسرائيل الكيان الغاصب.
الدستور