أنتَ مَنْ خَرَقَ السفينة!
سليمان الطعاني
05-07-2020 06:33 PM
شعور أقسى من الدمعة الحرّى وأسوأ من الصراخ، وأحدّ من سيف طاعن غادر وأقوى من اللهب، شعور لا تحوطه الكلمات ولا تحويه العبارة.
لَم تَكُن مُجرد سنوات من الفَوضى والازعاج والعبث وغياب صوت العقل، بل كٱنتّ حَرباً شعواءّ، لم نبدأها، هي فرضت علينا من أناس مرضى، خضتها وحيداً فقتلت عندي اللهفة وذبحت الطموح واهدرت الحماس واوقفت التحدي، حربا ضروساً واياما ثقالا كنتُ فيها كما ارِيــد ان اكـــون، نصـف وزنِي كبــرياِء والنصِف الاخـر قِصه جحود ونكران لاِ يفهمـها احـد. كان صمتي معها هو قصتي التي تحتاج الى فهم ممن يتقن فن الاصغاء ويجيد فنون المحاورة، وكان الكتمان والتظاهر بأن كل شيء بخير هو شعاري الذي رفعته عبر سنين عجاف لم تنبت سوى الخبث والخبائت.
وأنا لست كذلك.. لم ينصفني الصباح وانا ابحث بين جنباته عن صور الخير واشراقات الأمل والسعادة والمحبة لتاخذ بيدي لتحدث الفرق، فكانت صباحات تطفح بالعقد والتصنع والكذب والرياء، صباحات مصطنعة من مشاعر فاسدة وبعض من تراتيل ابليس وقصص الدّجال دفعنا ثمنها غالياً من وقتي وصحتي الجسدية والنفسية، وما بين يوم اقرر فيه التخلي ويوم اقرر فيه تجربة ذلك التخلي كانت تنداح امام ناظري صور جميلة تغازلني ببراءة وتربت على كتفي لتفتح امام ناظري شرفة الأمل بيوم جديد يخلو من الجحود ونكران المعروف، لكنها صور خادعة من عمل ابليس واخراج الدّجال!
نعم يا صاح انت مَن خرق السفينة لتغرق أهلها، وأنت الذي هدمتَ الجدار الذي كان تحته كنز من الاحلام، كنتَ عاجزاً تماماً عن إقامة الجدار لأن في طبعك الهدم والخراب،،،
تالله اني رأيت الخراب والاهتراء في سفينتك المخروقة الصدأ قد أخذ منها كل مأخذ، منذ اليوم الأول للرحلة المشؤومة، ولكنني قررت الإبحار ايمانا منّي بأن اشعل شمعة خير من ان ألعن الظلام الذي مُنيتُ به، وايمانا مني بأن الاسلام يجب ما قبله ، حتى رايت في رحلة السوء هذه أشياء من صنع اناس على هيئة بشر تخطت قدرتي على الاستِيعاب.
ما اقسى أن تفاجأ يا صاح بالجحود والنكران بعد أن كان سقف توقعاتك في الاعالي وبعد ان انتهيت من وضع اللمسات الاخيرة على فصول رحلة اسعادهم متجاهلا إحتياجاتك متغاضياً عن الصغائر والهفوات ، وعندما يحين موعد الإختيار تتفاجأ بأنك انت الأقرب إلى المؤخرة أو لست فى الحسبان !!!
لك الله أيها الخاسر المغبون من هذه الرفقة، رفقة السوء فعندما تفيق من حفلة النكران تذهب لتعويض الروح عن خسائرها فتفاجأ بأن الوقت قد حان للرحيل ولم يعد هناك متسعاً للترقيع والاستمرار بسقاية زهرة ميتة أو الانخراط في جوقة الدجل والكذب والسقوط الأخلاقي، لم يعد هناك متسعاً للقراءة في قصص السوء الجامعة لأحط الطباع والمواصفات والمقاييس، وأردا القبائح والفضائح والتي تعود على اصحابها بوافر العار والشنار ،،،
لم يعد عندي متسعاً للقراءة حول مستنقعات الخسة ومزارع الطحالب وقواميس الغدر وروايات الدّجل وقصص الشُطار والعيارين و التاريخ المزور ،،
أنا مَنْ علّمتكم نظم القوافي، فلمَ تهجونني؟ وأنا من علّمتكم الرماية كل يوم فلمَ ترمونني؟
صدقت العرب حين قالت: نذل الرجال كنذل النبات،،، فلا هو للثمار ولا هو للحطب، سلاماً على الذين إن فسدت مفرداتنا اصلحوا نواياهم،