في سؤال لأحد المشاركين في الحوارات عن بعد تلميح لغياب التزام المستخدمين لمعايير الكفاءة عند اختيار وترقية البعض لحساب المعارف والاصدقاء واصحاب النفوذ بالرغم من النصوص الدستورية والروايات الحكومية التي تقدم وصفة اخرى غير التي يتحدث عنها النقاد. حتى اليوم لا يمكن الاجابة على مثل هذه الاسئلة بسهولة فالأدلة النظرية والعملية متضاربة لكن الجميع يشكو من أن ما تقوله القوانين والدستور يبقى حبرا على ورق إذا لم تقم الإدارة بالامتثال لهذه القوانين والالتزام بروحها ونصوصها.
ينظر الدستور الأردني للمواطن على انه انسان يتمتع بالكرامة والحرية وله حقوق يكفلها ويرعاها. بموجب الدستور يتساوى الأردنيون في الحقوق والواجبات فلا تمييز بين ذكر او انثى او مسلم أو مسيحي أو بين مواطن وآخر لأي اعتبار. في مقدمة الحقوق التي ينعم بها المواطن الجنسية باعتبارها المدخل للعلاقة التعاقدية بين الدولة والمواطن. بموجب ذلك فإن جميع الأردنيين احرار متساوون ينبغي العمل على صون كرامتهم وحمايتهم ورعايتهم وتنمية أوضاعهم بما يحقق لهم الامن ويوفر الرفاه والسعادة.
بعض الأشخاص يتصرف وكأنه وصي على عقول الناس وافكارهم ومشاعرهم ولا يترك فرصة الا ويعيد تكرار الاسطر القليلة التي حفظها ويؤكد فيها لنفسه وللآخرين انه مختلف ومميز وصاحب استحقاق. هذا النوع من البشر يعتقد ان الاوضاع لا تستقيم بدونه وأن الدنيا تقوم وقد لا تقعد بغيابه.
هؤلاء الاشخاص لا يقيمون وزنا لغيرهم ويظنون ان الناس قد يضيعون بلا ارشاداتهم وحكمتهم. بعض هؤلاء الاشخاص يرفعون منسوب التوتر وقد يدخلون المجتمع في مزاودات لا ضرورة لها. أينما حلوا وفي جميع المواقف يؤكدون على اختلافهم وتميزهم ويصرون على أن لا أحد يرقى الى مستوى حبهم وتفانيهم وعطائهم. أيا كان نصيب هؤلاء من الموهبة فهم ما يزالون يؤمنون بأن الصور المتخيلة للعلاقات والبطولات والإنجازات اهم من الواقع الذي قد لا يرونه على حقيقته.
بعض المهن التي يشغلها أبناء الطبقة الجديدة لا تتعدى نبش قبور الآباء والاجداد والجلوس عليها ومحاولة تذكير الجميع بأن هذا الشبل من ذاك الأسد. لعقود وسنوات تنحى الكثيرون من ابناء الطبقة عن المشاركة في الحياة العامة كما يعيشها بقية الافراد. وطالبوا صراحة او ضمنا بمعاملة استثنائية تتناسب مع السمعة او الشهرة التي ارتبطت بآبائهم وأجدادهم. في الاوقات القليلة التي يقضونها في البلاد يحرص هؤلاء الاشخاص على الظهور الاعلامي لتذكير اصحاب القرار بوجودهم. خلال الاشهر الماضية اكتظت الشاشات والمواقع بالاخبار التي تتحدث عن افكارهم ومواقفهم وآرائهم بالرغم من ان غالبيتهم لا يعرفون الكثير عما يعانيه الناس ويشغلهم.
خلافا لما يحرص على تحقيقه الدستور من حرية وعدالة ومساواة يصر البعض على استخدام مواقعهم ونفوذهم من اجل تسهيل وصول اقربائهم واصدقائهم وانسبائهم للمواقع والاماكن والخدمات التي وجدت من اجل الجميع وحرمان الغير من الوصول الى الحقوق التي يتساوون فيها مع الآخرين.
كما في جاهات الخطبة التي يجري تأليفها لخطبة العرائس يعرف البعض المجتمع بأنه الاقارب والنسباء والاصدقاء ولا يرى غير هؤلاء. لذا وبحدود هذه الرؤيا تنحصر خيارات بعض المتنفذين عند البحث عمن يملؤون الاماكن الشاغرة بالاقارب والاصدقاء والانسباء حتى الذين اشبعوا الإعلام حديثا عن نزاهتهم وموضوعيتهم لا يتورعون في استقطاب الاصدقاء والأزلام اينما ذهبوا دون النظر اذا ما كانت المواقع تتناسب وخبرتهم واختصاصهم.
في الوقت الذي تصدر فيه الادارة الاميركية مرسوما رئاسيا يقضي باعتماد المهارات والقدرات الفنية في الاستخدام والتعيين يجري في العالم الثالث اليوم مجاهرة في تحدي القواعد والاسس المتبعة في اشغال المواقع ويجري تكييف المواقع لتلائم الاشخاص المراد تنفيعهم او طباع وعادات وقيم المديرين والرؤساء الذين يبحثون عن الولاءات الشخصية اكثر من الامكانات الفنية للاشخاص المرشحين.
الممارسات الارتجالية والابتعاد عن القواعد والاسس التي تنظم العلاقة بين الافراد والدولة سبب رئيسي في تخلف المؤسسات وتعثر الاقتصاد وتجرؤ البعض على التطاول على المال العام. من المحزن ان يشعر البعض بأن المؤسسات لا تحوي أكفأ العناصر القادرة على الادارة والعمل وان تتدخل قيم المحاصصة والارضاء لتحرم المؤسسات من تطبيق القواعد الموضوعية في الترشيح والاستخدام والترقية ليصبح الفضاء العام شكلا من اشكال المقاسم العشائرية التي يرتع فيها الأقارب والاصدقاء والانسباء.
الغد