الاردن ليس في عين العاصفة .. بل في طليعة امته
د.بكر خازر المجالي
04-07-2020 09:04 AM
ما القصد من مقولات تظهر في بعض المقالات والتصريحات تتعلق بتطورات صفقة القرن ومحاولة ضم الغور الفلسطينيي من قبل اسرائيل ،من مثل القول ان الاردن في عين العاصفة ،وان هناك تهديد للهوية الوطنية الاردنية ،وهناك تأثير خطير سينعكس على الاردن وغير ذلك،
ما القصد من كل هذا؟ الى الحد وكأن الخطر هو على الاردن فقط ،وعلى الاردن ان يكون حذرا وان يكون جاهزا لتلقي صدمات وتبعات مزلزلة، بل عليه ان يكون مستعدا للانتحار بالمجان.
ما القصد ؟ هل حتى يبقى الاردن في دائرة الخطر والقلق ؟هل ليبقى الشعب الاردني متوترا ويتحدث عن نفسه وكيفية خلاصه وان يترك فلسطين في فم العدو يتم قضمها تدريجيا؟ او ان هناك من يدرك ان لا خطر على الاردن ويحسدوننا على هذا الوضع ويريدون ان نشترك معهم في تبعات المأساة ؟ او هو جزء من عداء مبطن عند البعض موجه للاردن حتى يصيب الاردن مما قد يصيب غيره؟
هل يمكن التحذير من مقولة ان مصير الاردن وفلسطين واحد ؟؟ لماذا لا نكرس الاعتقاد بأن الاردن هو الاردن ،وان فلسطين هي فلسطين ،وان المعنى من ان الاردن وفلسطين واحد هو معنى تحمله صلات الاصل والقربى والعادات والشعور الواحد المشترك، ولكن سياسيا فان هناك الدولة الفلسطينية وهناك الدولة الاردنية ولكل منهما مقوماته واسسه، والعلاقات بينهما هي ذات العلاقات ما بين الدول العربية جميعا، بل فيه التأكيد على صدقية الدولة الفلسطينية وانها حقيقة تاريخية واقعية رغم محاولات التسويف والعرقلة الاسرائيلية ومن في فلكها.
يبرع عدد من المنظرين والمحاضرين في منتديات وعبر وسائل الاعلام السمعية والبصرية، حتى منها ما كان في منتديات ثقافية اردنية في ترديد مقولات ان الاردن في خطر وهو في عين العاصفة، قبل زمن ليس ببعيد قال جلالة الملك عبدالله الثاني ان لا خوف على الاردن، وفي كلمة جلالته اكثر من معنى ورسالة، موجهة لمن يحاول وضع الاردن في عين العاصفة واجترار اي تهديد لغيره ليكون تهديدا عليه حتى يبقى الاردن مأزوما ويدفع بتكاليف هو في غنى عنها.
الاردن لا يتخلى عن القضية الفلسطينية قيادة وشعبا ،ولا يمكنه الا ان يكون النصير القوي للدولة الفلسطينية ،ولكن من يردد عبارات التخويف والتخوين والترهيب والتحذير الموجهة الى الاردن هو يريد ان يكون الاردن ضعيفا ، حتى تكون الساحة الفلسطينية مكشوفة بلا اي سند او نصير ، ولا اعتقد ان هناك اي صوت من خارج ارض دولة فلسطين يناصر فلسطين ويدعمها غير الصوت الاردني سواء صوت جلالة الملك عبدالله الثاني في كل اروقة السياسة مناصرا ومحذرا من قرار الضم وتبعات صفقة القرن ،أو الصوت الشعبي الاردني ،واعتقد ان الفضاء العربي اصبح فقط محصورا كل في فضائه ضمن حدود الدول الداخلية ،ومن خرج منها في أغلبه توجه الى اسرائيل اولا،
الاردن هو المملكة الاردنية الهاشمية الدولة ذات السيادة التامة والعضو في هيئة الامم المتحدة وفي كل هيئاتها ،ويرتبط بمعاهدة سلام مع اسرائيل بضمانات دولية حقق الاردن اخر نتائجها بالالغاء التام لملفي الباقورة والغمر ،واستعادة كل سنتمتر من ارض الاردن عدا عن حقه في المياه ، ومع ذلك فان هذه النجاحات هي هدف من يقول الاردن في عين العاصفة ،ويطالب بالغاء اتفاقية "العار؟؟؟" على حد زعمهم ،ويتحدثون عن الخيار العسكري ،في زمن انكفاء كل البنادق العربية الى صدور البعض العربي.
نعم انهم يطلبون من الاردن الانتحار لانه هو اخر سهم عربي في جعبة الحق والمطالبة والانتصار للحق العربي، يطلبون من الاردن ان يهاجم اسرائيل وهم في شرفات منازلهم وبين احضان باقات الورد ،ونراهن ان اقدم الاردن على اي خطوة فلن تجد طلقة واحدة تصل الى الاردن او اي زناد عربي يتوجه الى جبهاتنا،
نعم .. كلام خطير لزج الاردن في مأزق وجعله يدخل نفقا مظلما مليئا بالالغام العربية اكثر من الغام اسرائيل، ومن ثم فان الذي فشل الربيع العربي المزعوم في تحقيقه في تفتيت الدولة الاردنية سيحققه بهذا الاسلوب القذر الخبيث،
وسيبقى اصحاب مدافع الاقلام يتفرجون يتلذذون بمصائب الاردن ؟؟
دفعنا ثمنا باهظا لادعاءات القومية والتحرر في حرب 67، ولا زلنا ندفع فاتورة تلك القومية التي جلبت المصائب حتى الان، دفعنا ثمن رفضنا لقرار فك الارتباط عام 1988، ولكن من يدفع الثمن اكثر الان هو الشقيق الفلسطيني.
فهل ستتوقف مقولات: الاردن في عين العاصفة، والاردن مهدد في وطنه وهويته، وان الخطر على الاردن وغير ذلك،
هل سيتجه الجميع لكيفية تعزيز القوة الذاتية وبناء الثقافة الوطنية الواعية لدعم الموقف الفلسطيني وليس ارهاب الموقف الاردني؟
هل يمكن وقف تصدير تبعات الفشل عند الاخرين الينا وكأنهم يعتقدون ان تأثير الفشل سيخف قليلا عليهم ويعزون انفسهم بمصيبتهم بالحاق المصائب بالاخر؟
لا اعرف اخيرا اذا كنا كاردنيين نحتاج الى تصميم خطاب اردني وطني حقيقي صريح، لا يجامل بمقولات الوحدة والمصير المشترك وكلام اليافطات وعناوين الندوات وشعارات الانتخابات، بل ينطلق من الواقع وادراك الية التفكير الاسرائيلي، وانه يجب تعزيز قوة اي دولة عربية لا اللمز فيها ومحاولات الانتقام بائر رجعي لمواقف سابقة.
يجب ان نضع مسار التاريخ في كل تفاصيله بين اعيننا ونحن نقرأ في لغة خطاب الاخر، وان نتلمس زناد البنادق واين كانت فوهاتها متجهة في حقب سابقة ،لندرك ان هذه الفوهات تتبع اساليب جديدة لتدمير الاردن وتهيئته لتحقيق مشروعات خطيرة ولكن هذه المشروعات قد فشلت، والبديل هو ابقاء الاردن في دائرة الرعب والرهبة والخوف لزعزعة استقراره واقتصاده.
هل ندرك التحذير هذا بكل ابعاده؟
هل نعيد ادراك حقيقة الاقلام التي في لسانها الرعب والترهيب
هل ندرك اننا دولة قوية ذات سيادة، في قوتها قوة في دعم الموقف الفلسطيني وفي ضعفها دمار لغيرنا.
والاهم هو كيف نصل الى خطاب اردني عميق دقيق يدرك كل ما يجري ويتم اصداره من تصريحات وافكار مدمرة ونفهم لغة خطاب العربي الموجه الينا بمثل فهمنا للخطاب الاسرائيلي ؟؟؟.