دراسة: استخراج الطاقة من الثقوب السوداء ممكن
03-07-2020 11:17 PM
عمون - هل يمكن الاستفادة من الثقوب السوداء لتوليد الطاقة؟ من المعروف منذ أكثر من 50 عاما أن هذا ممكن نظريا، لكن دراسة جديدة لباحثين من جامعة غلاسكو أكدت أن هذا ممكن أيضا في الواقع إذا اكتسبنا التكنولوجيا اللازمة لذلك.
والثقوب السوداء وحوش كونية تلتهم الأجرام التي تعلق في حبائل جاذبيتها بكل نهم وشراهة، ورغم سرعة الضوء العالية جدا، فإن الضوء إذا اقترب من حد معين (أفق الثقب) لا يقدر على الإفلات بسبب جاذبيته الرهيبة.
عند هذا الحد يتعين على الجسم أن تكون له سرعة أكبر من سرعة الضوء حتى يفلت. وحسب نظرية فيزيائية، فإن الجسم الذي يفلت من هذا الوحش يكتسب طاقة إضافية بفعل دوران الثقب حول نفسه، ويمكن استغلالها لاحقا.
نظرية من دون إثبات
هذه النظرية تعود إلى عام 1969، عندما افترض عالم فيزياء بريطاني يدعى البروفيسور روجر بنروز أنه يمكن توليد الطاقة من ثقب أسود عن طريق وضع جسم ما على "الحافة" الخارجية للثقب.
وتقول النظرية إنه سيتعين على هذا الجسم أن يتحرك بسرعة أكبر من سرعة الضوء، للإفلات من الثقب، أو ليظل في مكانه على الأقل.
وحسب قوانين الفيزياء السائدة حول الثقوب السوداء، فإن انشطار هذا الجسم إلى نصفين، حيث يسقط الجزء الأول منه داخل الثقب وينجو الثاني من براثنه؛ يُكسب الأخير طاقة مشتقة من دوران الثقب الأسود.
لكن إثبات صحة هذه النظرية تجريبيا على الأرض ظل معضلة كبيرة طوال العقود الماضية.
واقترح عالم الفيزياء ياكوف زيلدوفيتش منذ سبعينيات القرن الماضي أنه يمكن إثبات النظرية بتجربة أكثر قابلية للتطبيق على الأرض باستخدام موجات الضوء "الملتوية"، التي تصدر عن مصدر ضوئي على حافة أسطوانة تدور بسرعة عالية جدا.
وافترض العالم البيلاروسي أنه عند تسليط موجات ضوئية على سطح الأسطوانة سينعكس الضوء على سطحها مكتسبا طاقة إضافية مستخرجة من دوران الأسطوانة.
لكن المشكلة ظلت قائما؛ فمقترح زيلدوفيتش غير قابل للاختبار في الواقع لأن نجاح التجربة يقتضي دوران الأسطوانة بسرعة تزيد على مليار دورة في الثانية، وهذا أمر لا يمكن تحقيقه بالوسائل التقنية الحالية.
الصوت بدل الضوء
في الدراسة الجديدة المنشورة في دورية "نيتشر فيزيكز" في 22 يونيو/حزيران الماضي، توصل باحثون من كلية الفيزياء وعلم الفلك في جامعة غلاسكو -بالتعاون مع باحثين من جامعة أريزونا- أخيرا إلى حل لاختبار نظرية بنروز.
وبدل الموجات الضوئية، استخدم الباحثون الموجات الصوتية ذات التردد المنخفض جدا مقارنة بالضوء لاختبار النظرية.
فقام هؤلاء ببناء نظام يتضمن حلقة من مكبرات الصوت لتوليد موجات صوتية ملتوية يتم تسجيلها بواسطة مكبرات صوتية مثبتة خلف قرص دوار مصنوع من مادة رغوية.
ولمعرفة إذا كانت نظرية بنروز وزيلدوفيتش دقيقة، كان الباحثون يتطلعون إلى سماع تغير في سعة وتردد الموجات الصوتية أثناء مرورها عبر القرص.
هذا التغير يعود إلى تغير ظاهري لتردد الموجات الصوتية أو طولها عند رصدها من مراقب ثابت، وهو ظاهرة تعرف بتأثير "دوبلر".
ووفقا لماريون كرومب -المؤلف الرئيسي للدراسة- يمكن مقارنة ظاهرة دوبلر الخطية بصوت صفارة الإنذار في سيارة الإسعاف، الذي يبدو للمستمع أنه يرتفع عند الاقتراب وينخفض عند الابتعاد عنه.
لكن تأثير دوبلر الدوراني يختلف قليلا عن الخطي في كونه يقتصر على مساحة دائرية -كما في الثقوب السوداء- حيث تتغير الموجات الصوتية الملتوية عند قياسها من السطح الدوار.
نتائج التجربة
أظهرت نتائج التجربة التي أجراها الباحثون أن سعة الموجات الصوتية زادت بنسبة 30% عن الصوت الأصلي الصادر من مضخمات الصوت.
ويشرح كرومب نتائج التجربة -التي وصفها بالاستثنائية- بقوله إن تردد الموجات الصوتية ينخفض بفعل تأثير دوبلر ليختفي الصوت مرة واحدة في مرحلة أولى مع زيادة سرعة الدوران، ثم يظهر الصوت من جديد بعد تحول الترددات من موجبة إلى سالبة، أي أن الموجات الجديدة تدور في الاتجاه المعاكس للموجات الأصلية.
وكما هو واضح في التجربة، فقد اكتسبت موجات التردد السلبي هذه بعض الطاقة من القرص الرغوي الدوار، تماما كما توقع زيلدوفيتش عام 1971.
لذا يتوقع الباحثون أن تستخدم نتائج بحثهم في الدراسات المستقبلية، خاصة في مجال الفضاء ودراسة الثقوب السوداء، والبحث عن أشكال الحياة خارج كوكب الأرض.