انتخابات على كل لسان ولكن
جهاد المومني
03-07-2020 07:21 PM
لا يتوقف الحديث عن الانتخابات النيابية في الاعلام وفي الدواوين رغم حالة الصمت التي تستوجب التريث قليلاً ريثما تتضح الرؤية امام صاحب القرار ،والى حينه لا احد يكترث بحجم المجازفة بالتحليلات ذات النتائج المبنية على ظروف متقلبة وقد تكون قاهرة في يوم من الايام اذا ما تفاقم وباء كورونا وفرض رأيه على العالم كله وهو ما تشير اليه الارقام المتزايدة لأعداد المصابين على مستوى العالم.
هذا العام 2020 هو عام الاستحقاق الدستوري باجراء انتخابات مجلس النواب التاسع عشر ،وفي مطلعه اطلق جلالة الملك اشارة البدء للأستعداد ذهنياً بالنسبة للناس واجرائياً بالنسبة لمؤسسات الدولة وفي مقدمتها الهيئة المستقلة للانتخاب لتنفيذ الاستحقاق الدستوري دون تحديد الموعد لذلك ،فارادة الملك الضمنية واضحة باجراء الانتخابات في موعدها هذا العام ،بيد أن الرياح جاءت بما لم تشته سفن مسيرة الاصلاح الاردنية جراء انتشار وباء الكورونا فاعاد ربان السفينة التذكير بالاستحقاق الدستوري وهذه المرة ربط بينه وبين عافية المجتمع وصحة المواطنين ومدى تأثر الدولة بتداعيات انتشار الجائحة ،فموعد الانتخابات يرتبط بمدى تحسن الظروف الوبائية الآخذة بالتحسن وفق تقارير الجهات الصحية المعنية.
استعد المجتمع ذهنياً للانتخابات النيابية بكثرة الحديث عنها ،وطرح عشرات الاسئلة على المسؤولين والسياسيين واصحاب الخبرة بالشأن الانتخابي حول المواعيد المحتملة للانتخابات والكيفية التي ستجرى فيها والسيناريوهات الممكنة ،فكانت عشرات الاجابات ومئات المجتهدين الذين لم يوفروا جهداً بالادلاء بارائهم وقدموا مساهماتهم على هذا الصعيد وبدت الصورة وكان المجتمع الاردني كله ينتظر الانتخابات وينشغل بتفاصيلها في تناقض واضح مع ونسبة المشاركة فيها والموقف التلقليدي من نتائجها ،وهنا يخطر بالبال سؤال مهم ، لماذا ينشغل المجتمع الاردني بانتخابات لا يرى فيها حلاً او ضرورة ولا يؤمن بانها قاعدة الديمقراطية الاولى والطريق الوحيد الى بناء المجتمعات والدول المتقدمة ؟
ليس مهماً الجواب بقدر السؤال نفسه ، فالاردنيون خصوم المسؤولين لكنهم بالمجمل يسعون الى المناصب ،والموقف من الانتخابات لا يختلف كثيراً وهو ليس بالموقف المبدئي على اية حال ،فالبحث عن الثقة بالانتخابات لا يزال قائماً ،والثقة مثل الرضى غاية لا تدرك الا اذا كان المشكك والمعارض والحاقد وغير الواثق شركاء في المهمة اي مشاركين في الانتخابات إما ناخبين او مترشحين في المجالس المنتخبة اياً كانت ،واذا بقي ربع المجتمع او نصفه عازفا عن مجرد البحث عن الثقة فسنبقى عندئذ نراوح نقطة الشك والتخوين ولن نخطو الى الامام ابداً.
يعلم المشككون ان الهيئة المستقل للانتخاب هي جهة محايدة ولا وصاية للحكومات عليها ومع ذلك لا يحبون الاعتراف بهذه الحقيقة ، لماذا ؟ لانها تحسم الجدل حول وجود التزوير او التلاعب في الحد الادنى ،وما يريدونه ان تبقى الدولة الاردنية متهماً كل الوقت ففي ذلك تبرير لفشلهم وتقاعسهم عن اداء ابسط الواجبات وهي الانتخاب .
والآن وبينما غالبية مؤسسات الدولة الاردنية تعمل بنصف طاقتها كي تستمر عجلة العمل والبناء ،فأن الهيئة المستقلة تعمل بطاقتها الكاملة لمواكبة ما تعرف بالاجندة الانتخابية التي ستنطلق في يوم صدور الارادة الملكية السامية بإجراء الانتخابات النيابية ،فوضعت الهيئة كل ما يلزم من قرارات وتعليمات من أجل انتخابات آمنة تطبق فيها شروط السلامة العامة وبما يضمن صحة وعافية الناخببين والمترشحين والكوادر العاملة في الانتخابات وكذلك الاعلاميين والمراقبين وكل من له علاقة بالعملية الانتخابية متى انطلقت ؟
كيف استعدت الهيئة ،وماذا فعلت للمحافظة على نزاهة الانتخابات في ظل التباعد الاجتماعي والحذر من التجمعات ،وما هو جديد الانتخابات القادمة ؟ حزمة اسئلة كبيرة طرحتها الهيئة نفسها ووضعتها على طاولة البحث والنقاش بهدف الوصول الى حلول لمعضلة الانتخاب في ظل ظروف استثنائية لم يعرفها الاردن من قبل ،فجاءت الاجابات والحلول لتتمحور حول السلامة العامة كمبدأ اساسي دون ان تغفل عن بقية المبادئ التي قامت على اساسها الهيئة المستقلة كجهة محايدة تدير وتشرف على ضمان سيادة ارادة الناخبين في صناديق الاقتراع.
اعادت الهيئة النظر في التعليمات التنفيذية والتي تتسلسل حسب مراحل العملية الانتخابية بدءاً بجداول الناخبين والآلية الجديدة للاعتراض عليها كحق ثابت للناخب ،وستكون الاعتراضات الكترونية حتى نضمن تباعد الناس ، ثم تبدأ مرحلة الترشح وقد نال التعليمات الخاصة بها تعديلات مهمة وتحت نفس الشعار الضامن للأمان الصحي لمن يترشح ولمن يعمل في الهيئة ،ثم وضعت التعليمات الخاصة بالحملات الدعائية للانتخابات على الطاولة وبعد نقاش مستفيض تقرر تقنين الدعاية الانتخابية وضبطها بتعليمات تتفق والقرارات والاوامر الصادرة عن الجهات المعنية بالشأن الوبائي دون المساس بقرارات الهيئة واستقلاليتها المطلقة ،كما عدلت الهيئة التعليمات الخاصة بالرقابة على الانتخابات وهي احدى معايير النزاهة التي تشجعها الهيئة وتحرص عليها ،وبشكل عام قامت الهيئة بكل ما يلزم من تعديلات تضمن عدم الاختلاط بفرض التباعد والالتزام باجراءات السلامة العامة على جميع اطراف العملية الانتخابية.
على صعيد العمل التوعوي والارشادي فقد استهلت الهيئة العام الحالي بحزمة من الاجراءات التوعوية للوصول الى شركائها في العملية الانتخابية الاعلاميون والجهات الرقابية والجهات الداعمة للهيئة ومنظمات المجتمع المدني ، مستخدمة احدث وسائل الاتصال المتاحة ،فعقدت الندوات واللقاءات عبر تطبيقات الاتصال المرئي ونفذت دورات تدريبية بنفس الطريقة ،واعدت فيديوهات تدريبية تسلمتها وسائل الاعلام المعنية مباشرة بالعملية الانتخابية ،ثم بدأت الهيئة سلسلة لقاءات وندوات لشرح خطتها في اجراء الانتخابات في ظروف الجائحة او في ظل تداعياتها والالتزام العام بتعليمات واوامر الجهات الصحية والوبائية ،وحصلت الهيئة على عائد مفيد من المقترحات والافكار المفيدة ، والى الىن لا تزال ابواب الهيئة مشرعة امام المقترحات والافكار ذات الطابع الاجرائي لتحسين العملية الانتخابية وضمان سلامة المجتمع.
تنتظر الهيئة مثل بقية الاردن الامر الملكي باجراء الانتخابات ،والى حينه يتواصل العمل في كل الاتجاهات التي ستؤدي في النهاية الى انتخابات آمنة ومضمونة بالحد الاعلى الممكن من معايير النزاهة والشفافية ،وسوف تقوم الهيئة بوضع الدليل الاجرائي الخاص بالاجراءات الانتخابية التفصيلية حيث سيجيب عن الاسئلة المتعلقة بالاقتراع والفرز والنتائج ، من لحظة دخول الناخب الى مركز الاقتراع وحتى خروجه ،ومن لحظة اغلاق باب التصويت في التاسعة مساءا بدلا عن الساعة -اي بتمديد الاقتراع لساعتين- وحتى استخراج نتائج كل صندوق ثم تجميع واعلان النتائج النهائية ،وسوف تقوم الهيئة بزيادة اعداد مراكز الاقتراع ومضاعفة اعداد الصناديق مما يعني مضاعفة اعداد العاملين في لجان الاقتراع والفرز وكل هذا من اجل ضمان الامان بالتباعد من حيث تقليل اعداد الناخبين لكل صندوق وتوسيع نطاق المراكز جغرافيا بزيادة العدد اضافة الى اجراءات تفصيلية اخرى سوف تقوم الهيئة باطلاع الجمهور عليها تباعاً.