الأردن في قمة مجموعة العشرين " السعودية "
السفير الدكتور موفق العجلوني
03-07-2020 06:38 PM
نظمت سفارة المملكة العربية السعودية في عمّان ملتقاً متميزاً غير مسبوق دعا اليه سفير المملكة العربية السعودية نايف بن بندر السديري بمناسبة قرب انعقاد قمة العشرين في نوفمبر القادم في العاصمة السعودية الرياض ومشاركة الأردن بهذه القمة.
حيث أكد السفير ان هذا اللقاء هو تعبير صادق على العلاقة المتميزة والتاريخية التي تربط المملكة العربية السعودية بالمملكة الأردنية الهاشمية ، وان هذا اللقاء وبدعوة نخبة من الشخصيات الأردنية هو تأكيد على أهمية المشاركة الاردنية والحضور الأردني والحرص على أن تعود هذه المشاركة في اجتماعات مجموعة العشرين التي تستضيفها وتترأسها المملكة العربية السعود السعودية للعام الحالي بالفائدة على الأردن ولتمكينه من طرح وجهات النظر والقضايا ذات الاهتمام المشترك. وان دعوة هذا الجمع من أعضاء مجلس الوزراء الأردني وخبراء ومحللين هو تأكيد ايضاً على اهتمام المملكة العربية السعودية بالتنسيق والتشاور مع الأردن والاستماع الى وجهة نظر الأردن بخصوص القضايا التي ستطرح على جدول اعمال القمة في الرياض.
هذا ومن المتوقع ان تحمل قمة مجموعة العشرين " السعودية " توصيات مهمة متممة لتلك التي حملتها القمة الاستثنائية والتي قدمت دعما ماليا كبيرا من اجل التخفيف من الاعباء الاقتصادية والمعيشية للمجتمعات، ومن اجل تطوير خطوات العمل وتسريع وتيرتها للوصول الى امصال اللقاح والعلاجات الضرورية لمواجهة جائحة كورونا، هذا اضافة الى تمكين المجتمعات النامية ومساعدتها في احتياجاتها.
من هنا تعتبر مجموعة العشرين واحدة من اهم المجموعات العالمية لما يميز اعضاء هذه المجموعة من قيادات حيث تضم اهم الدول الصناعية الكبرى في العالم. والتي من المتوقع ان يتوصل العالم الى اكتشاف لقاح او دواء لمعالجة وباء كورونا، والحد من الاثار التي خلفها هذا الوباء في المجالات الحياتية والمعيشية والاقتصادية.
و بالتالي فإن توجيه الدعوة من خادم الحرمين الشريفين الى جلالة الملك للمشاركة في هذه القمة هو تأكيد على عمق العلاقة التي تربط البلدين الشقيقين ، كما انها لتؤكد العلاقة الأخوية بين جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين حفظه الله و أخيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ال سعود حفظه الله ، و الاحترام الكبير و المكانة المرموقة التي يتمتع بها جلالة الملك في المحافل العربية و الإسلامية الدولية، و خاصة في النموذج الأردني الذي اثبته الأردن للعالم في الحد من جائحة كورونا في ايجاد استراتيجية عمل دولية ناجعة للتعاطي مع هذه الظروف الاستثنائية التي فرضتها هذه الجائحة على العالم اجمع .
يأتي انعقاد هذه القمة لمجموعة العشرين في مدينة الرياض بشهر نوفمبر القادم، كدليل أكيد على أهمية الدور السعودي ليس فقط على مستوى المنطقة ولكن على مستوى العالم والدور الذي تلعبه المملكة العربية السعودية بين الشرق والغرب حيث تمثل جسراً ً لهذا العالم المترامي الأطراف وخاصة في مستقبل الاقتصاد الدبلوماسي ومستقبل الاقتصاد العالمي والطاقة ، والطاقة المتجددة، علاوة على ان المملكة مهبط الوحي حيث يهوي الناس الى المملكة من كل فج عميق ... لماذا ؟: " ليشهدوا منافع لهم دينية ودنيوية "، وتأتي القمة الاقتصادية ضمن هذا المفهوم من خلال هذا الدور وهذا الحضور السعودي في مجموعة العشرين. وهذا مصدر فخر واعتزاز ليس فقط للمملكة العربية السعودية فحسب وإنما للدول العربية كافة والعالم الاسلامي.
ان انعقاد هذه القمة العالمية الان في المملكة العربية السعودية وفي الوضع الراهن الذي تمر به المنطقة و العالم فهو دليل أكيد على أهمية المملكة ليس فقط في الجانب الجيوسياسية ولكن في الجوانب الاخرى وعلى رأسها الجانب الاقتصادي. وعندما نرى وجود مشاركة زعماء الدول الأعضاء في هذه المجموعة لدول تشكل بعدا استراتيجيا في الأمن الاقتصادي في هذا العالم، يكون الفضل للمملكة العربية السعودية في احتضان قمة مجموعة العشرين والتأكيد على مركزية المملكة العربية السعودية في الأمن الاقتصادي العالمي، اضافة الى محاولة المملكة إيجاد صيغ وسطية للتعاون والتفاهم بين الشرق والغرب.
وتأتي هذه القمة الهامة في هذه الظروف الحساسة التي يعيشها العالم كتأكيد على الأهمية الكبرى التي توليها مجموعة العشرين الى المملكة العربية السعودية، حيث تدرك الدور السعودي في معالجة القضايا العالقة والمتعلقة بالاقتصاد الكلي والتعامل مع الأمور المتعلقة بالرقابة المالية والإصلاحات الهيكلية، حيث، سيكون لكل رئاسة لمجموعة العشرين فيها مجالات معينة بالنسبة للدولة المستضيفة. وسوف يكون للمملكة العربية السعودية كونها ترأس هذه القمة دوراً له خصوصيته في مجموعة العشرين بوصفها دولاً متقدمة ولديها قضايا مشتركة مع الدول النامية، وبالتالي تؤدي المملكة دورًا يجسر الهوة بين هذين الدورين.
بنفس الوقت ستعطي المملكة اهتماماً خاصاً من خلال رئاستها للقمة بالنسبة لقضايا الدول النامية وكيفية مساعدتها والوفاء بأهداف الألفية التنموية التي ينبغي الوصول لها في رؤية المملكة 2030 والتي يقودها ويشرف على تنفيذها سمو ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان حفظه الله وذلك لتسريع عملية تحقيق هذه الأهداف.
وًمن المتوقع ان تنال جائحة كورونا الى جانب القضايا البيئية مكانة بارزة في القمة، إلى جانب ما يتعلق بالاستدامة والتعامل مع التغير المناخي، حيث تعاملت المملكة مع ذلك من خلال تخزين الكربون والعمل على وضع آلية إلزامية تكون صديقة للبيئة، وكذلك العمل على تخزين الغاز، خاصة أن المملكة من أفضل الدول في ذلك إذا لم تكن من الدول الأولى في تخزين الغاز المنبعث مع استخراج النفط بسبب الضخ الواسع النفط . وكذلك كيفية التعامل مع القضايا المناخية والبيئية.
بنفس الوقت لم تتجاهل المملكة العربية السعودية الموارد المتجددة وتطويرها، بل هي أكبر دولة في المنطقة تستثمر فيها خاصةً في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، حيث تنتج المياه المحلاة باستخدام الطاقة الشمسية.
وبسبب التباطؤ الاقتصادي الذي يعانيه العالم ستعمل المملكة العربية السعودية من خلال مجموعة العشرين على اعادة الاقتصاد العالمي إلى النمو وكذلك التعامل مع قضية الفقر والبطالة في العالم لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
تدرك المملكة العربية السعودية ان العلاقة بين أوروبا والولايات المتحدة هي الركيزة لكل المبادرات المقبلة ، و بالتالي تتطلع المملكة أن تتوصل كل من الولايات المتحدة الأمريكية والصين إلى توقيع اتفاقية تجارية قبل انعقاد قمة مجموعة العشرين القادمة في الرياض ، بحيث تكون القمةً فرصة مناسبة لجميع الدول الأعضاء لمناقشة أبرز قضاياها، واتخاذ قرارات بشأنها، و بالتالي تكون المملكة العربية السعودية و من خلال رئاستها لهذه القمة الهامة قد حققت الأهداف التي رسمتها ، و بعثت برسالة الى العالم ان المملكة العربية السعودية لن تدخر جهداً في المساهمة في التنمية المستدامة في هذا العالم و في تعزيز الأمن الاقتصادي و تعزيز مستقبل الاقتصاد الدبلوماسي .
هذا وقد انبثقت عن مجموعة العشرين G 20 عدد من منتديات الحوار بهدف رفد قمة زعماء وقادة المجموعة بمساهمات وتوصيات من خلال التغذية الراجعة من عملية الحوار مع المنظمات من جميع أطراف المجتمع في الفترة التي تسبق قمة القادة السنوية لمجموعة العشرين. وبالتالي هذه فرصة لممثلي الشركات والعلوم والمنظمات غير الحكومية ومجالات المجتمع الأخرى لتقديم مساهماتها وتوصياتها إلى مجموعة العشرين G 20. ومن أبرز هذه المنتديات، منتدى الحوار مع مراكز الفكر T20 Think Tank -، الى جانب مجموعات أخرى مثل: منتدى الحوار مع مجتمع الأعمال الدولي، ومنتدى الحوار مع العلوم، ومنتدى الحوار مع منظمات المجتمع المدني، ومنتدى الحوار مع ممثلي النقابات والعمال، ومنتدى الحوار مع النساء، ومنتدى الحوار مع الشباب.
ومن الجدير بالذكر ان مجموعة Think Tank - T20 هي مجموعة مستقلة عن الحكومات الوطنية وتتألف من مؤسسات فكرية مرموقة وأوساط أكاديمية من المجتمع الدولي. وتعمل على إنشاء مقترحات سياسات ثاقبة، تم تحليلها من قبل خبراء رفيعي المستوى. توفر هذه الاقتراحات عمقًا تحليليًا لمناقشات مجموعة العشرين التي تساعد قادة مجموعة العشرين على تطوير تدابير سياسية ملموسة ومستدامة تتمحور حول أولويات مجموعة العشرين.
وفي كل عام، وتحت رئاسة مجموعة G20 (المملكة العربية السعودية)، تقوم T20 بإنشاء فرق عمل لصياغة مقترحاتهم حول القضايا الأكثر أهمية، ودفع الابتكار السياسي. بينما يلتزم قادة مجموعة العشرين بتهيئة الظروف لإنشاء عملية شاملة وتشاركية للمجموعة وذلك عبر تلقي التوصيات ذات الصلة من منظمات المجتمع المدني العالمية المعنية التي يتم تنظيمها تبعاً لذلك في المجموعات المشاركة. وتبرز من بين هذه المجموعات المشاركة مجموعة الفكر التابعة لمجموعة العشرين، المسؤولة عن الاتصال والتعاون مع مراكز الفكر الإقليمية والدولية. وتُعدُّ مجموعة الفكر (T20) إحدى المجموعات المشاركة التي تُسهم في مجموعة العشرين كبنك للأفكار من خلال المهام المنوطة بها والتي تتمثل بتقديم التوصيات المتعلقة بالسياسات العامة القائمة على البحوث إلى مجموعة العشرين. وتسهيل التفاعل بين مجموعة العشرين ومجتمع هيئات الفكر والدوائر البحثية. والتواصل مع الجمهور على نطاق أوسع حول القضايا ذات الأهمية العالمية.
بنفس الوقت تقوم مجموعة الفكر (Think Tank - T20) بإعداد بيان يتضمن توصيات فُرق العمل التابعة للمجموعة، حيث يتم تعميم بيان قمة مجموعة الفكر (T20) السعودية على قادة مجموعة العشرين للنظر فيه وتضمينه في بيان قمة المجموعة التي ستنعقد في مدينة الرياض في شهر نوفمبر القادم .
وكما هو معلوم فقد التزم قادة مجموعة العشرين في مؤتمر القمة الاستثنائية التي عقدت في مدينة الرياض في المملكة العربية السعودية في ٢٦ اذار الماضي وبرئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ال سعود حفظه الله ، بالقيام بكل ما يلزم واستخدام جميع أدوات السياسة المتاحة للحد من الأضرار الاقتصادية والاجتماعية الناجمة عن جائحة كورونا ، واستعادة النمو العالمي والحفاظ على استقرار السوق وتعزيز المرونة، وكذلك العمل معاً لزيادة تمويل جهود أبحاث وتطوير اللقاحات والأدوية ، والاستفادة من التقنيات الرقمية، وتعزيز التعاون الدولي العلمي . في ضوء استخدام التقنيات الرقمية التي تساعد بشكل كبير على احتواء وباء كورونا وتقليل الآثار الاجتماعية والاقتصادية الناتجة عنه.
ومن الجدير بالذكر ان قمة قادة مجموعةً العشرين التي ستعقد في العاصمة السعودية في الرياض في شهر نوفمبر القادم G20 Riyadh Summit هي الاجتماع الخامس عشر لمجموعة العشر G20 ، وتتميز هذه القمة بأنها الاولى التي تستضيفها المملكة العربية السعودية، وثاني قمة تستضيفها منطقة الشرق الأوسط.