يولد الإنسان ومعه (قطع غياره)
05-06-2007 03:00 AM
* "الخلايا الجذعية" تقهر الأمراض المستعصية.. تعيد الحياة للأعضاء التالفة
عمون- عاطف الفراية
نتائج طبية غير مسبوقة حققتها "الخلايا الجذعية" في علاجها العديد من الأمراض المستعصية والاصابات التي تترك اثراً مدمراً للانسان خاصة تلك التي تؤدي الي الشلل.. بتكلفة لا تقارن بتكاليف الجراحات والعلاجات التقليدية. الأطباء يؤكدون أنها ثورة في مجال الطب.. تعيد الحياة لأعضاء الجسم التالفة.. بدءاً من الكبد والكلي والعيون.. والقلب وحتي جراحات التجميل.
فالمثير للتفاؤل أن فريقاً مصرياً من العلماء والباحثين والأطباء من مختلف التخصصات تمرس واحترف ترويض الخلايات الجذعية ليعيد الحياة والأمل لنحو 200 حالة من اصابات الأعصاب والعمود الفقري التي أقعدت أصحابها عن الحركة بسبب شلل نصفي أو رباعي وأصبحوا الآن يمارسون حياتهم بصورة أقرب الي الطبيعية رغم مرور أقل من ثلاثة شهور علي علاجهم.. وكذلك نحو 220 حالة اصابة بتليف الكبد ومثلهم من مصابي الفشل الكلوي فضلاً عن نجاح العلاج مع 3 حالات من المصابين بالقدم السكري وانقاذ أطرافهم من البتر المحتم.. بينما قطعت البحوث التطبيقية شوطاً كبيراً في بقية المجالات الطبية علي سبيل الحصر مما يشير الي أن المستقبل يحمل آمالاً عريضة في الشفاء لكل من يكابد آلام المرض والاصابة مهما كانت صعوبتها.
خلايا جوكر
الأبحاث العلمية تشير الي أن الخلايا الجذعية هي خلايات غير متخصصة وغير مكتملة الانقسام ولا تشبه أي خلية متخصصة كتلك الموجودة في كل عضو من أعضاء الجسم وتختلف أشكالها ووظائفها باختلاف كل عضو.. ولكن هذه الخلايا الجذعية قادرة علي تكوين خلية بالغة بعد حثها علي الانقسام في ظروف معينة.. وتكمن أهمية ذلك في امكانية تطويعها لتكوين أي نوع من الخلايا المتخصصة لأي عضو يعاني التلف أو الاصابة.. وأنواع الخلايا الجذعية تعتمد علي ما يسمي "بالعمر الجنيني" فمنها ما له القدرة علي صنع أي شيء وهناك ما يمكن صناعة أكثر أنواع الأنسجة والثالثة هي البالغة منها والتي تتكاثر لتصنع نسيجاً خاصاً للجسم مثل الكبد أو نخاع العظم أو صمامات القلب أو غضاريف المفاصل أو العضلات.
.. ومن هنا فيمكن الحصول علي الخلايا الجذعية في صورتين.. الأولي للجنينية منها "embryonic stem cells" وتكون متوافرة في البويضة المخصصة خلال إحدي مراحل انقسامها الأولي والمعروفة باسم "بلاستوسايت" "blastocyte" لأن البويضة عند تخصيبها بالحيوان المنوي تكون خلية واحدة لها القدرة علي تكوين انسان كامل ولكن بعد انقسامها تحتوي الواحدة منها علي طبقة خارجية بها خلايات تصل علي تكوين المشيمة والعديد من الأنسجة التي تكون الجنين بينما تصل الخلايا الداخلية في البويضة المنقسمة علي تكوين مختلف أنسجة جسم الجنين إلا أنها معدومة القدرة علي تكوين جنين كامل رغم قدرتها علي تكوين أي خلايات من خلال الجسم وتكون لها وظائف محددة حسب وظيفة كل عضو.
.. الصورة الثانية من الخلايا الجذعية هي "البالغة" وتوجد في أنسجة كل عضو اكتمل تكوينه بالجسم مثل الكبد أو الكلي أو العظام أو الدم أو الخلايا العصبية بالنخاع العظمي.. الخ. وهو النوع الذي يعتمد عليه الآن بكثافة في مراحل العلاج الجديد وحسب نوع المرض أو الاصابة.
نتائج مبشرة
هذا ما يؤكده الدكتور وائل مصطفي استشاري المناعة بالأكاديمية الطبية يقول: بالفعل وفقنا المولي عز وجل لعمل تطبيقات في غاية الأهمية علي أبحاث العلاج باستخدام الخلايا الجذعية أشادت بها الدوريات العلمية.. وتجاوزنا ذلك الي العلاج الفعلي لحالات عديدة من المصابين والمرضي وكانت النتائج مبشرة بل وحاسمة وأعادت الأمل لحالات ميئوس من شفائها بكل الوسائل التقليدية للعلاج..
وداعاً للشلل
أوضح نجحنا في اعادة الحياة لأطراف مشلولة لحرفيين منهم السباكين وعمال صيانة مصاعد وآخرون سقطوا من طوابق عليا أو تعرضوا لحوادث ألحقت أضراراً بالمخ والعمود الفقري ففقدوا القدرة علي الحركة والتحكم في عملية الاخراج وحتي مجرد الجلوس مما اصابهم بقرح الفراش البشعة.. ونجح معهم العلاج بعد أن حصلنا علي خلايات جذاعية من مواضع معينة في أجسادهم واعادة حقنها بعد اعدادها معملياً في الأماكن المصابة لتعود لهم قدرتهم علي الحركة الطبيعية والتحكم في عملية الاخراج.
تكلفة أقل
يقول: بدأنا بالتجربة علي الكلاب في المعامل قبل التطبيق علي الحالات البشرية.. وشكلنا فريقاً متكاملاً من الاخصائيين وحسب كل حالة بعد فحصها جيداً خاصة أن هذه الحالات تبادر باللجوء للعلاج باسلوب الخلايات الجذعية بعد محاولاتها العلاج بالوسائل الأخري والفترات طويلة وبتكاليف كبيرة.. رغم أن التجربة أثبتت انخفاض تكاليف العلاج بالخلايا الجذعية والذي يتراوح بين الفي وثلاثة آلاف جنيه من خلال الحقن أسبوعياً وطوال فترة تتراوح بين شهرين وثلاثة شهور حسب كل حالة.
يؤكد أن العلاج بهذا الاسلوب أصبح متاحاً لمن يريد في العديد من المستشفيات الحكومية والجامعية منها قصر العيني والحسين.
الدكتورة هالة جبر أستاذ أمراض الدم والمناعة بقصر العيني.. تقول: تقتصر مهمتي علي الحصول علي الخلايا الجذعية من حالة المريض المصابة ويختلف موضع الحصول عليها من الجسم حسب نوع المرض أو الاصابة ويتم ذلك عن طريق بزل أو سحب سائل النخاع العظمي أو من الدم أو من أعضاء الجسم المختلفة ثم العمل علي عزل الخلايات الجذعية بأساليب علمية في المختبر استعداداً لاعادة حقنها في الأماكن المصابة.. ويتم تكرار ذلك دورياً ولفترة محددة يتم خلالها رصد تطور الحالة حتي الاطمئنان لبوادر الشفاء.
فريق عمل
تضيف يحدث ذلك تحت اشراف ومتابعة أعضاء فريق متكامل من كبار الاخصائيين في كل المجالات منهم أساتذة المخ والأعصاب أسامة الغنام ويوسف بركات وهشام شاكر وإبراهيم عويس ومحمد حافظ رمضان.. وأساتذة الكبد نعمان الجارم ومني أمين وجراحي الأوعية الدموية وعلي رأسهم الدكتور عز الدين القرشي الذي يشرف حالياً علي علاج المصابين بتقرحات القدم السكري وأساتذ الكلي الدكتور طارق حسين الشابوني وأستاذ الأمراض الباطنة والسكر مغازي محجوب وأستاذ الرمد أيمن خطاب فضلاً عن أستاذ العلاج الطبيعي الدكتور رضا عوض مدير مركز تأهيل العجوزة.
منه فيه
أوضحت أن الاستعانة بالخلايات الجذعية لذات المريض يجنبنا الدخول في الصدام مع الجهاز المناعي للجسم الذي يرفض الأعضاء المزروعة له من اخرين فضلاً عما تتيح لنا من توفير أعداد كبيرة من الخلايا المطلوبة لأي عضو من أعضاء الجسم بتكاليف ضئيلة.. مشيرة الي أن كمية قدرها 5 ميكرون من الهرمونات أو عوامل نمو خلايات الكبد مثلاً تكلفتها تتجاوز 3500 جنيهاً في الوقت الذي تتيحه لنا الخلايا الجذعية الحصول علي كميات لا محدودة من خلايا الكبد نفسها بصورة مجانية تقريباً.
كميات وفيرة
تضيف أن تطور تكنولوجيا ووسائل الحصول علي الخلايا الجذعية أتاح الحصول علي كميات كبيرة منها في المرة الواحدة من عمليات البذل من خلال عقار يحث علي افراز النخاع في الدم ليسهل الحصول عليه بدلاً من البذل من العظام وهو ما يساعد علي الحصول علي الكمية المطلوبة من الخلايا والاحتفاظ بها معملياً لاعادة حقنها علي دفعات متوالية في جسم المريض.
قرح الفراش
الدكتور عاطف إمام أستاذ جراحة التجميل بالأكاديمية الطبية.. يؤكد أن العلاج بالخلايا الجذعية أمل جديد في عالم العلاج أعطي نتائج مرضية للغاية رغم أننا لانزال والعالم في مرحلة بدائية منه.. وفيما يخص جراحات التجميل.. قال نجحت جهود علاج وتجميل 3 قرح خطيرة للغاية بالقدم السكرية في ثلاث حالات مرضية.. وكذلك حققنا نجاحاً كبيراً في علاج قرح الفراش المستعصية ونجحت الخلايا الجذعية في اعادة بناء المناطق التي التهمتها القرح رغم عمقها وضراوتها ومازالت البحوث التطبيقية تسعي لتحقيق المزيد من خلال الخلايا الجذعية التي تم الحصول عليها من الدم ولها قدرة علي أن تتمحور لتشكل نسيجاً يضارع المزروعة فيه.
عن "الجمهورية"