شمعة المستقبل على الأرصفة
زمرد المحمود
02-07-2020 05:40 PM
طمح لإنشاء وطن آمن غني معزز بمصادره، وأبناءه لفلذات أكبادنا، نعمل ونكد في العمل لأجلهم، لكن ماذا إن كانت هذه الملائكة الصغيرة لا تجد مأوى لها سوى الأرصفة والإشارات، في حقيقة الأمر هؤلاء الأطفال ولدوا ليجدوا أنفسهم أبناء عائلات ليست كُفؤ للإنجاب وتربية طفل في المرتبة الأولى، ثانية ما يحيط بهم من فئات مجتمع تشجعهم على التسول ولا مكان لغدٍ واعد بينهم.
ظاهرة التسول في مجتمعنا
قديماً وحتى 2010 لم تكن ظاهرة التسول منتشره كما هو حالياً في مجتمعنا، كنا نشاهد العديد من أطفال الأسر العفيفة المحتاجة يلجؤون للعمل في بعض المحال والمشاغل المختلفة بالمناطق الشعبية، أي نعم إنها أشغال شاقة وممنوعة قانونياً، إضافة إلى أن التعليم إلزامي للأطفال حتى الصف العاشر. لكن كانت تؤمن قوت يوم العائلة وتؤمن مستقبل مهني لهؤلاء الأطفال اللذين لا ذنب لهم سوى الوضع المادي السيء لذويهم. إضافة إلى عدم تواجدهم في الشوارع العامة مما يقلل نسبة المخاطر التي تواجههم، وإقتصار هذه المهن على الصبيان فقط.
في السنوات الأخيرة باتت ظاهرة التسول أكثر من أي وقتٍ مضى بكل محافظة، مدينة، حي، على إشارة مرور، في كل شارع ومختلف الأسواق. بات التسول مهنة تعود بدخل أساسي للعديد من الذين تسول لهم أنفسهم بإستغلال الأطفال لإستعطاف مختلف طبقات الشعب والمجتمع.
أصبح التسول في هذا الوقت نوع من أنواع التجارة الغير مشروعة في البشر كما انه من المحتمل أن يكون هنالك تجار ينظمون هذه الظاهرة من خلال تشكيل مجموعات من الأطفال وإستأجارهم من ذويهم مقابل مبلغ بسيط ثم تسريحهم في الشوارع فما نشاهده إعلامياً لا يمثل ما يحدث على أرض الواقع بأكثر من 10%
موقف الأردن، وإحصائيات
تشير الأرقام أن 90% من أطفال الشوارع لديهم عائلاتهم وليسوا مشردين. كان الأردن من الدول الأولى المبادرة في المصادقة على إنشاء منظمة الطفولة العالمية اليونيسف 1966، بعدها صادق على الاتفاقية العربية رقم (1) من نفس العام بشأن مستويات العمل. كما كان الأردن من أوائل الدول التي صادقت على اتفاقية حقوق الطفل عام 1992 التي تهدف إلى تحديد حقوق الطفل الأساسية في الحياة، بعدها صادق الأردن على الاتفاقية الأولية رقم(138) لعام 1973 في عام 1997 بشأن السن القانوني لإستخدام العمال.
كما أود الإشارة هنا للرجوع لدراسة بعنوان (تقييم السياسات الإجتماعية لعمالة الأطفال في الأردن من إعداد هيا الطراونة ومحمد المعاني) التي تعد دراسة شاملة تفصيلية لوضع عمالة الأطفال والتسول في الأردن.
الآثار والضرر الناجم على الأطفال والمجتمع
بداية إن أطفال الشوارع أكثر عرضة للأمراض من غيرهم بسبب تعرضهم للإختلافات المناخية أكثر من غيرهم إضافة لعدم وجود أي مقومات لمنع إنتقال العدوى بينهم ومن احتكاكهم مع باقية أفراد المجتمع. هؤلاء الأطفال يفقدون أقل حق لهم التعليم مع العلم أنه لا يوجد أي عذر لمنع الطفل من الإلتحاق بالمدارس وهذا لتوفر المدارس الحكومية في مختلف المحافظات إضافة إلى المدارس التابعة لوكالة الغوث والتي لا تقتصر على الطلبة الفلسطينيين بل على العكس تفتح أبوابها لمختاف أجناس المجتمع المحلي مع توفير جميع مستلزمات الطلبة من كتب قرطاسية وزي مدرسي. كما تؤدي لإنحراف الأطفال وإستغلالهم في تجارة المواد المخدرة، إضافة لتعرضهم للأخطار المختلفة عامةً وخاصةً للإعتداء الجنسي والممارسات الجنسية والشذوذ الجنسي الذي من الممكن أن يتم ممارسته من قبل هؤلاء الأطفال نفسهم اللذين لم يجدوا من يعلمهم أصول الحياة، مبادئ العيش الكريم، الحلال والحرام وأسس التربية الفاضلة، إن أي جرم من هذا القبيل لا يحق لنا محاسبة هذه الأرواح الطاهرة لإقترافه هي جريمة أهل ليسوا بأهلاً على هذه الامانة المقدسة وجريمة كل نفس شيطانية هدفها جمع المال مهما كانت الطريقة، هي جريمة مجتمع رأى الحال المزرية التي وصلنا لها من تجارة بشرية ولم يحرك ساكناً.
إضافة لتعويد الجيل الناشئ على طرق الكسب الغير مشروعة. إنشاء جيل غير سوي غير واعي وعالة على المجتمع المحلي والدولي. بالطبع أيضاً إذا بقي الحال كما هو عليه سوف نشهد إرتفاعاً مخيفاً بنسبة الجريمة والبطالة. من الطبيعي أيضاً أن نشهد تأثر الأطفال الآخرين بهذه السلوكيات.
حلول مقترحة
يجب على الحكومة الجزم بوضع عقوبات صارمة لكل من تسول لهم أنفسهم المريضة لإستغلال الأطفال، في حال كان ذوي الأطفال على قيد الحياة وعلى وعي تام بما يتعرض لهم أطفالهم بل هم من يساهموا
ويجبروا الأطفال على التسول يجب معاقبتهم وأخذ الطفل ووضعه في دور رعاية الاحداث أو تخصيص لجان مختصة وأقسام معنية برعايتهم وتصحيح مسارهم.
إضافة إلى أنه يوجد العديد من القوانين والأحكام التي وضعتها الحكومة للسيطرة على هذا الشأن لكن للأسف لا تطبق بالشكل المرجوا؛ لهذا يجب عمل لجان رقابية مختصة للقضاء على هذه الظاهرة.
ومن وجهة نظري هنالك طريقة بسيطة جداً يمكننا جميعاً أعزائي إتباعها علنا نساهم بالحد من الخطر المحدق بفلذات أكبادنا وهي في حال تعرض أحدنا لطفل متسول أو بائعي العلكة ومنظفي الزجاج وهي طرق أيضاً للتسول يجب علينا التصرف بحزم وعدم إعطاء أي مبلغ مالي بهذه الطريقة، الأنفس المريضة يوماً بعد يوم ومن شخصٍ لآخر سوف تجد أنه لا جدوى من تسريح الأطفال بالشوارع وسوف تخف تدريجياً هذه أبسط الطرق التي يمكننا اتباعها؛ أما من أراد إخراج صدقة ماله أو الزكاة فهنالك العديد من الجمعيات والمؤسسات الخيرية التي يمكنه أن يقدم لها ما يشاء وغيرها والجدير بالذكر أن هذه النقود قد تكون سبباً لإدمان الطفل على السجائر أو أي نوع من المواد المخدرة.
بناة المستقبل ولبنة المجتمع إنهم أطفال الوطن وحماته هم أبناء الوطن قبل أن يكونوا لذويهم؛ لذلك يجب على الحكومة التدخل السريع وتطبيق جميع القوانين والتحرك بأسرع وقتٍ ممكن للقضاء على هذه الآفة المجتمعية الخطيرة تماماً، ولا ننسى أن هذه إحدى الأساليب التي سوف تحافظ و تزيد أمن وأمان الوطن والمواطن.