لا ريب أن ينشغل الأردنيون في مناكفات ومغالطات وآراء ليس لها حدود ولا معايير منذ بداية هجمة فيروس كورونا بناءً على تعاطي الأذرع الحكومية بإدارة الأزمة وما جرى خلال الأشهر الماضية من تجارب نجح منها ما نجح وفشل بعضها في إحتواء الهزة المالية لجيوب المواطنين وموظفي القطاع الخاص وتوقف منشآت حيوية، وكل ذلك كان يحدث ونحن نتجادل عن جدوى استخدام الكمامات والبحث عن بدائل للمعقمات المشهورة التي فقدت من الأسواق، وكل ذلك يحدث ولا أحد ينتبه الى ما يجري حولنا من إشتعال النار في بلدان الجوار أمنّيا واقتصاديا، ولا أحد يخرج ليفسر لنا ما الذي سيحدث صباح الغد.
في الجارة الشمالية سوريا، التي يحتضن الأردن ما ينوف على مليون مواطن لها منذ عشر سنوات، لا يزال الصراع دائراً رغم الإعلان عن سيطرة النظام على غالبية الجغرافيا السورية، حتى جاء قانون قيصر الذي يمثل قمة العقوبات الممتدة على النظام الحاكم ومن يتعاون معه ومن يتعامل معه خارجيا إقتصاديا، وهو يمثل حالة خنق أميركي تحت الركبة، تعدى العقوبات على العراق إبان حكم صدام حسين، وبعد أشهر من اليوم لن تجد الأسواق السورية دولارا واحدا يتداوله أحد، فيما لا تزال القوات الإيرانية تحيط بالعاصمة وبقية مناطق البلد.
في لبنان الصغير بحجمة، الكبير بمصائبه، يسير بسرعة الصوت نحو الهاوية، إذ وصل الأمر الى فقدان الدولار من الأسواق، والأسوأ من هذا تبخر ودائع المواطنين وتهريب مليارات الدولارات خارج البلاد، والمؤسف أن مستثمرين غير لبنانيين قد فقدوا أموالهم جراء الإجراءات المتخبطة ومنهم أردنيون وضعوا أموالهم في بنوك بيروت بغية التكسب فضاعت إبلهم في الصحراء، وبدأت تتضح صورة الكارثة مع تطبيق قانون قيصر أيضا الذي أوقع الفزع في قلوب كل من يتعامل مع الجانب السوري، وهذا كله مرتبط بسيطرة حزب الله التابع لإيران على الساحة السياسية والإجتماعية هناك.
والى العراق الذي يعاني اليوم من تفشٍ كارثي لوباء كورونا ونقص شديد في العلاجات وأجهزة التنفس وتلوث المشافي ونقص حاد في غرف الإنعاش، ما أدى الى ارتفاع مضطرد في عدد حالات الإصابة والوفيات، نرى أن التحالف الإيراني هناك لا زال يعطل مساق الحكومة الجديدة، بعد إعلان رئيسها مصطفى الكاظمي الحرب على المليشيات المسلحة وإعادتها لحظيرة الدولة، حيث ارتدت الحرب عليه من قبل قيادات سياسية سابقة وحاضرة، في خطة لإفشال حكومته سياسيا وأمنيا واقتصاديا، فيما لا يزال النقص في كافة القطاعات واضحا، وهو مرتبط بقضايا الفساد الضخمة هناك، وسيطرة المنتج الإيراني على السوق.
وقريبا من ذلك الهلال الشمالي نرى اليوم كيف أن مناطق فلسطينية تحت إدارة السلطة ترزح تحت آلاف القيود في ظل السيطرة الإسرائيلية على معابرها وأنابيب التدفق البشري والاقتصادي عشية الخطة الخبيثة لضم الأراضي الفلسطينية لدولة الإحتلال، فيما لا يزال القادة هناك يتخاصمون وخيمة فيروس كورونا تزداد اتساعاً، وفي أي لحظة تنفجر الأوضاع الأمنية هناك سنشهد صراعا مسلحا يعيد الوضع الى الأسوأ.
إذا ما الذي يمكن للحكومة أن تفعله هنا لانقاذنا؟ هل تعيّ خطورة الظرف الخارجي على حركة التجارة مع دول الجوار، وهل ستبقى تتجمّل بالإجراءات الحكومية، وتتركنا في عراء التصريحات، ونحن نرى كم هي الأنشوطة تضيق على رقابنا، فيما لا رؤية لمستقبل تفعيل العلاقات الأردنية مجددا مع الدول التي طالما كانت سندا لاقتصادياتنا..!!
Royal430@hotmail.com
الرأي