في مجال النقد الأدبي اعتادت العرب أن تعلن عن أغزل بيت من الشعر وعن أكثرهن مدحا وأكثرهن هجوا وأكثرهن غزلا، وهي أبيات معروفة لا اريد أن اكررها هنا.
لكن العرب نست او تناست الإعلان عن أكثر بيت شعري في مجال التسحيج والنفاق، ربما لأن التسحيج كان سلعة مطلوبة ومحبوبة، وهي طريقة عادية تماما للتكسب الشعري.
أعلن لكم عن أكثر بيت تسحيجي عربي حتى الان، وهو للمتنبي، يوم أصاب الزلزال مصر، ويقول فيه مديحا لكافور:
ما زلزلت مصر عن كيد ألمّ بها
لكنها رقصت من عدلكم طربا
ولما لم يحصل المتنبي على يريد من كافور، هجاه في الكثير من القصائد لعل اكثرها هجوا:
عيد بأية حال عدت يا عيدُ
بما مضى ام لأمر فيك تجديدُ
الغريب ان هذا البيت الشعري ومنذ اقترفه المتنبي في القرن الرابع للهجرة وهو يصلح لان يصف حالتنا في كل عام وحتى الان في (القرن الهجري الخامس عشر) والحبل على الجرار، حتى القرن الخامس والعشرين، والله اعلم بالصواب!
امة تتردى، وكل عيد يأتي مثل سابقه أو أسوأ منه، لكأن هذا البيت لم يكن هجاء لكافور بل هو هجاء للعروبة بأكملها.. مخا ومخيخا ونخاعات.
العزاء الوحيد لنا هو بيت آخر في القصيدة يقول:
نامت نواطير مصر عن ثعالبها
وقد بشمن ولم تفنى العناقيد
فلينم النواطير، فما تزال العناقيد قائمة، وكل حبة عنب قادرة عن إنجاب عشرات الدوالي!
أنا متفائل أكثر من اللازم؟!
نعم أعرف هذا.. لكنها تعويذة ضد الانتحار!!
الدستور