منذ سنوات والمواطن يحس بضغط الظروف الاقتصادية ويشكو تراجع مستواه المعيشي نتيجة السياسات الاقتصادية التي طبقتها الحكومات تبعا لوصفات الصندوق والبنك الدوليين.
ومنذ سنوات تعايش المواطن مع ظروف اقتصادية غاية في السوء تحديدا في العامين الأخيرين، وما فتئ يشكو ضعف الحيلة أمام ارتفاع الأسعار وتراجع مستوى دخله بسبب قرارات حكومية وسياسات كان ضررها الاجتماعي السلبي كبيرا جدا.
وبمقارنة بسيطة بين حكوماتنا والمواطن، نجد أن الأخير أكثر قدرة على تحمل الظرف الصعب، والتعايش معه، بعد أن استطاع تكييف موارده المحدودة مع التزامات الحياة الآخذة قيمتها بالتصاعد، وصمد بدخله المتواضع في وجه نتائج برامج التصحيح الاقتصادي، واستطاع مجابهة موجة الغلاء التي ألمت بالعالم خلال العام 2008، بعدما وصلت معدلات التضخم لمستويات خيالية قاربت 17 %.
وبإمكانياته المحدودة استطاع أن يجابه ارتفاع أسعار النفط إلى 150 دولارا، والأزمة الاقتصادية التي تلت ذلك بركودها وتأثيرها على معدلات الفقر والبطالة التي زادت بشكل مطرد.
بالمقابل، نجد الحكومة وتحديدا خلال العامين 2009 و2010 بدأت بالشكوى من ضعف الإيرادات وتزايد النفقات التي لم تقو ميزانيتها على استيعابها، وخرج علينا أكثر من مسؤول ليؤكد أن المرحلة صعبة وان الحكومة ستضطر إلى اتخاذ قرارات غير شعبية.
المهمة الأساسية لأية حكومة خدمة المواطن وحل مشاكله، بيد أن الحال في الأردن مختلف، كون جميع الحكومات تجد في جيب المواطن ملاذها وتبحث عن حلول لمشاكلها الكبيرة لدى الأسر محدودة الدخل.
فلم تعد الحكومة ترضى بمبلغ 4.5 بليون دينار تحصلها كرسوم وضرائب مختلفة من المواطنين على اختلاف شرائحهم، وان كان نصف هذه الأموال يدفعها الفقير قبل الغني من خلال ضريبة المبيعات، وكأن الحكومات بلجوئها للمواطن كمصدر للضرائب تعترف بضعف حيلتها على حل مشاكلها بطرق جديدة مبتكرة.
الحكومة بجهازها التنفيذي كاملا استعصى عليها أن تجد حلولا بعيدة عن فرض مزيد من الضرائب، وها هي خططها لزيادة الإيرادات جاهزة بنقاط مفصلة وواضحة ترتكز على زيادة الضرائب، حتى أن دقتها ذهبت لتقدير حجم الإيراد المتوقع تحصيله جراء قراراتها الصعبة وغير الشعبية المنتظرة خلال الفترة المقبلة.
أما ما يتعلق بضبط النفقات فيظهر أن الحكومة ارتكزت على بنود وحكايات فضفاضة طالما سمعنا عنها، ترتكز على ضبط النفقات ولا سيما بنود المصاريف التشغيلية، ووقف شراء المركبات نهائيا باستثناء الأجهزة الأمنية ووزارة الصحة، إلى جانب وقف شراء الأثاث وقفا تاما باستثناء وزارتي التربية والصحة. ومن اقتراحات ضبط النفقات اقتصار التعيينات على وزارتي التربية والصحة فقط، وعدم رصد أية مخصصات لمشاريع رأسمالية جديدة، واقتصار زيادة الرواتب والأجور على الزيادة السنوية الطبيعية.
كإعلان مبدئي للنوايا الحسنة، مطلوب من الحكومة وضع سيناريوهات دقيقة ومحكمة لضبط النفقات تكشف خلالها حجما محددا لقيمة الوفر الذي تسعى الحكومة لتحقيقه في هذا الجانب لتخفيف العبء عن الناس.
الغد