أصداء افتتاح السد العالي في الأردن (في الوثائق البريطانية)
16-02-2010 02:40 AM
يعتبر بداية عام 1964 عام خير لمصر و فيها فُتح السد العالي وفيها بدأ عصر مؤتمرات القمة بناء على دعوة من جمال عبد الناصر كان أول من استجاب إليها[المغفور له الملك الراحل الحسين وكان بهجت التلهوني رئيس الديوان الملكي يعمل جنباً إلى جنب مع الملك بطريقة وكأنه رئيس الوزراء.
وفي شهر شباط 1964م ذكرت الوثائق أن الأردن شهد نشاطاً إعلامياً هائلاً وتأسست وزارة الإعلام وتولاها إعلامي قريب من الملك وهو صلاح أبو زيد
أصداء بناء السد العالي:
وتخوض الوثائق في تفصيلات هذه الأحداث ومن أبرزها تأثير السد العالي على مشاعر الأردنيين وتأثير أجواء مؤتمر القمة العربي الأول وتأسيس القيادة العربية الموحدة واندفاع الحسين وجمال تجاه بعضهما البعض بطريقة كان للوثائق إسهاب في الحديث على ردود الفعل عليها. تصادف افتتاح السد العالي مع بداية عام 1964 عام عودة العلاقات العربية إذ استأنفت مصر علاقاتها مع الأردن والسعودية في خطوة هامة جداً في التضامن العربي. وكما تذكر الوثائق استعان بالدرجة الأولى ببهجت التلهوني ومن مصر دعي حابس المجالي قائد الجيش للحضور على وجه السرعة باتصال ثنائي أيضاً.
ذروة تألق الإعلام المصري :
كان الأردن قد شهد ظهور الراديو الترانززستور الذي عمل ثورة اتصالات قي العالم أصبح المزارع يسمع إذاعة مصر وهو في حقله والكل يسمع إذاعة مصر صوت العرب .ارتفعت المعنويات بهذا الانجاز الكبير جدا .كانت الناس تغني مع مصر( إحنا حنبني وإحنا بنينا السد العالي ).
صادف بعد مؤتمر القمة العربي الأول ودعاية السد العالي في مصر أن الشعوب العربية أصيبت بحالة من العشق لشخصية جمال عبد الناصر وما حقق لمصر وتذكر برقية ا
وللعلم وكما ذكرت فإن بريق إنجاز السد العالي رفع أسهم الشيوعية ورفع أسهم عبد الناصر وبالنسبة للفلسطينيين الذين كانوا في يأس أمام محاور الخلاف العربي فإن بعض الأنظار اتجهت إلى موسكو على أساس أنها المنقذ والذي سوف يساعد في عودة حقوق شعب فلسطين.
برقية من القنصلية البريطانية في القدس
يوم 20/5/1964
في برقية صادرة من القنصلية البريطانية في القدس تتحدث عن مشاعر وسعادة بعض مدن الضفة الغربية بتفاصيل مذهلة لدرجة أنها قارنت بين مشاعر أهل نابلس ومشاعر أهل القدس وأن مشاعر أهل نابلس كانت ملتهبة وأن أهالي الضفة الغربية بعامة كانوا في منتهى السعادة بافتتاح السد العالي في مصر (للأسباب التي ذكرتها سابقاً)...
البرقية تصف مشاعر أهل نابلس
في برقية القنصلية البريطانية الآنفة الذكر تذكر أن (هندرسون) زار نابلس وقابل وجهاء نابلس حكمت المصري وراشد آغا النمر وعادل الشكعة ووصف مشاعرهم تجاه مصر والزعيم السوفياتي خروتشوف.. وذكروا لهندرسون أن 99% من أهالي نابلس مع عبد الناصر وهنا قال حكمت المصري أنه مع الـ 99% وسأله (هندرسون) هل تقبل أن يؤمم عبد الناصر مصانع الصابون في نابلس. قال حكمت أنا لا أريد جمال عبد الناصر في الأردن أنا مع الملك 100% ولكن أريد هذا الشيء من مصر وهنا كتب هندرسون وتساءل في برقيته هل كان حكمت المصري يجاملني... أجاب وكتب لا إنه صادق في توجهاته نحو الملك وإنه لا يريد جمال عبد الناصر في الأردن... وكأني بهندرسون يكتب أن الجميع بعد افتتاح السد العالي يبحثون عن دعم مماثل من موسكو لتحقيق مثل هذا النصر في وقت كانت الدبلوماسية الغربية ضد العرب وكتبت السفارة برقية وأرسلتها في 26/شباط 1964 أن الصحافة تهاجم بريطانيا وأمريكا وأن صحيفة الجهاد طالبت بقطع النفط وسحب الأرصدة من بريطانيا وأمريكا.. وأشارت البرقية لمقال في صحيفة الدفاع وفيه تذكر الصحيفة أن فرنسا غيرت موقفها تجاه العرب وأنها اصبحت مع العرب وأن زيارة المسؤولة الإسرائيلية (جولدامائير) لفرنسا فشلت وهذا خير دليل على تغير موقف فرنسا وأن عبد الناصر نفسه لم يعد يذكر اسم فرنسا ضمن دول العدواني الثلاثي على مصر(عام1956).
الفرق بين موقف أهل نابلس والقدس
من السد العالي
تذكر البرقية الصادرة عن القنصلية في القدس أن أهالي نابلس كانوا من أكثر أهالي الضفة الغربية ابتهاجاً بافتتاح السد العالي وأن مشاعر أهالي نابلس أكثر عداء للغرب من مشاعر اهل القدس. صحيح أن خطاب خروتشوف في افتتاح السد العالي سوف يؤثر في كل أهالي الضفة الغربية، ولكن مشاعر التعاطف في نابلس أكثر من القدس ويقول هندرسون في البرقية يمكن أن أهالي القدس يتعاملون مع السياح أكثر في القدس وطبعاً كأنه يقول هذا مصدر رزق للقدس ولكن تحليل هندرسون يمضي بعيداً ويحلل الأمور بطريقة أوروبية متأثرة بالتحليل الغربي الذي يحلل كل شيء على أساس غيرة العرب من بعضها بعضاً ولم يتردد هندرسون في القول أن أهالي نابلس يمكن أنهم يغارون من أهل القدس... ولكنه يعترف أن نابلس فيها صناعات خفيفة وزراعة ولا تحتاج للسياحة. والخلاصة يصل إلى نتيجة أن خطاب (خروتشوف) في افتتاح السد العالي سوف يؤثر في أهل نابلس أكثر.
اندفاع الأردن للإعلام بعد
مؤتمر القمة:
يبدو أن الأردن شعر بأهمية الإعلام في تلك الفترة وأن الملك ترك بصماته الإعلامية وتأسست وزارة الإعلام في 12/2/1964م واستلمها إعلامي قريب من الملك صلاح أبو زيد في وزارة الشريف حسين بن ناصر.
برقية السفارة يوم 26/2/1964
عن تأسيس وزارة الإعلام:
أرسلت السفارة برقية سرية إلى لندن يوم 26/2/1964 وفيها أن (استرلنيج) وزميله زارا صلاح أبو زيد الوزير الجديد ومكثا معه بعض الوقت وفي البرقية كتب (استرلنيج) أن الوزارة الجديدة مسؤولة عن الإعلام والإذاعة والسياحة والآثار وأنه لو قدر للوزير صلاح أن يستمر To Survive فإن الأمر يحتاج لسنين طويلة.
وذكر استرلينج إنه سأل صلاح هل شعرت بحرج بعد المصالحة مع المصريين على اعتبار أن صلاح كان يهاجم مصر ومصر تهاجم الأردن. أجاب صلاح أنه لا يشعر بقلق طالما أنه كان مخلصاً للملك والوطن.
وقارن استرلنج بين اجابة صلاح وإجابة الصحفيين المصريين الذين قالوا أنهم لم يقصدوا ما قالوه عن الأردن في حين أن إجابة صلاح لسترلنج كانت أنه يعني ما كان يقول...
ومضى استرليج قائلاً أن صلاح مهتماً بحرية الصحافة... وإنه استفاد من الإعلام المصري ومن طريقة عبد القادر حاتم في العمل عام 1957م.
اهتمام أكثر بالإعلام وتأسيس
محطة تلفزيون:
بدا الاهتمام الملكي أكثر يظهر في الوثائق وأن النية تتجه لسعيد المفتي كي يشكل الوزارة بعد الشريف (حسين بن ناصر) ولكن سعيد المفتي لم يكن متحمساً لتأسيس محطة تلفزيون إذ شعر أن موازنة الأردن لتأسيس محطة تلفزيون لا تسمح وأن هناك أولويات أخرى.
تحدثت الوثائق عن اسم سليمان النابلسي لتشكيل الحكومة أو أن يكون نائباً في الوزارة. ولما ذهبت البرقية إلى لندن من السفارة في يوم 18/3 فإن (موريس) من الخارجية البريطانية وكان سابقاً في الأردن كتب تعليقاً على الموضوع.
تعليق موريس 31/3/1964:
علّق على تعيين سليمان نابلسي رئيس وزارة أو نائب رئيس وزارة إنه بسبب التقارب مع مصر وأن تعيينه يقرب الأردن من مصر أكثر. بالنسبة للنابلسي يقول موريس أنه لم يقابله في حياته وإنه كان في الإقامة الجبرية بالمنزل عندما كان (موريس) في الأردن... إنه ليس شخصية قوية في السياسة الخارجية. إن وصفي التل أقوى واحد إذا دخل الحكومة وسوف تكون حكومته قوية لم يظهر مثلها منذ أن غاب سمير الرفاعي عن ساحة الأردن السياسية.
وإذا جاء وصفي التل وزيراً للدفاع كما يقول هو وإذا وافق الملك فإن المصاريف الدفاعية سوف تزيد.
ملاحظة:
حتى ذلك الوقت كان بهجت التلهوني هو العنصر الفعال وقد ذكرت برقية السفارة أن الشريف حسين بن ناصر لم يعين من وزرائه سوى اثنين وأن الباقي عينهم بهجت. وهذا صحيح إذ أن الملك طلب بهجت تشكيل حكومة وقدم الاسماء للملك فاختارهم الملك في وزارة (حسين بن ناصر).
والخلاصة:
أن الملك توجه بقوة لمصر في عام 1964 وأن عام 1964 عام الإنجازات لمصر وبالنسبة للملك ركز على الإعلام وبدأ عهد جديد من العلاقة مع موسكو ايضاً وما كان يأتي شهر تموز حتى كلف الملك بهجت التلهوني بتشكيل الوزارة في 6/تموز 1964، وتم في عهدها إكمال مسيرة العلاقات الطيبة مع مصر.
الحسين وبهجت التلهوني
جمال عبد الناصر وخورشوف