نحو نظام عربي جديد (ما بعد كورونا)
د. عزت جرادات
28-06-2020 05:02 PM
تعاني المنطقة العربية، باعتبارها جزءاً من العالم، أزمة متعددة الأبعاد جاءت (جائحة كورونا) بغتة، وأضافت لحالة الفوضى الداخلية وصراع المحاور فيما بينها شدّةً وتوتراً، وأضيفت هاتان الحالتان إلى الخطر الدائم، الصهيوني بأطماعه، واغتنام الفرص والظروف لتنفيذ المخطط الصهيوني الكبير بأهدافه الكبرى والبعيدة.
فأي مستقبل للعالم العربي بعد (هزيمة الجائحة)؟ في نظام عالمي جديد، وصفه (كيسنجر) بأن (كورونا سيغيّر النظام العالمي إلى الأبد) وعبّر معظم قادة المجتمعات المعاصرة بأن (عالم الغد لن يشبه عالم اليوم... وذهبت (نيويورك تايمز) -16/3/2020م- إلى القول: (أن كورونا سوف يدمر الاقتصاد العالمي، يؤدي إلى مجتمعات اقتصادية مغلقة على نفسها، وستنتهي بصياغة نظام عالمي جديد.
إذا ما أخذت هذه التوقعات بعين الاعتبار، فإن المجتمعات العربية، تحديداً، ستجد نفسها أمام تحديات جادة وشائكة:
-إعادة بناءً الدولة (القطرية) من جديد على أسس تضع المصالح الوطنية-أولاً- وعلى رأسها الأمن الوطني، والسلامة المجتمعية، الصحية والأسرية والاجتماعية.
- إعادة بناءً الاقتصاد الوطني بعد الركود الاقتصادي وتراجع النمو الاقتصادي... في مجتمعات مثقلة بالبطالة والفقر والمديونية، وهو متزايدة مع الاستمرارية.
- إعادة بناء المؤسسات المجتمعية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية على أسس ومضامين تعزز أمن المجتمعات، وتمكين مختلف مكوناتها السكانية، وصهرها في (بوتقة واحدة) لإيجاد مجتمعات قوية متماسكة لا تهتز عند أول اختيار أو وباء أو تحديات.
إن هذه الإصلاحات القطرية، ستظل قاصرة وناقصة وعاجزة في غياب البعد (العربي / القومي). فالمجتمعات العربية -ما بعد كورونا- ستحتاج إلى إعادة صياغة نظام عربي أكثر فعالية في (التضامن العربي) في الخطط التنموية، وفي مجالات التنموية البشرية الارتقاء بمستوى حزمة الخدمات الاجتماعية- التعليم والرعاية الصحية والرعاية الأسرية- والارتفاع بمستوى مؤشرات الديمقراطية والكرامة الإنسانية في المجتمعات العربية، إفراداً وجماعات ومؤسسات.
إن النظام العربي الحالي، على هشاشته وتفرقه ومحاوره، مدعوّ بمؤسساته الفكرية والثقافية لاستشراف – مستقبل ما بعد كورونا- ووضع خطة لمنظومة دراسات مستقبلية تؤدي إلى (إعداد سيناريوهات) لنظام عربي جديد قوامه التضامن والتعاون والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية.