النفاق الاجتماعي ظاهرة ملعونة
ابتسام سليمان العشوش
27-06-2020 10:33 AM
يصفقون لكل كلماتك، حتى لو كنت تحت تأثير حالة عصبية ولا تقصد ما تقوله. لكنك صاحب يد في المكان، وعليهم بموجب ذلك ـ حسب تفكيرهم ـ أن يرفعوا قبعاتهم كلما مر ظلك الشرير بقربهم. هذا يسمى بالنفاق، أو تملق..في بعض الحالات، وهو أيضا مجاملة في تسمية أقل حدة.
للمنافق وجه ظريف، ومرعب في السر. وله نبرتان، إحداهما مستخدمة والثانية أصلية. ينبهك وجوده إلى خدعة التغاضي، وهي أن تتغاضى عن الإساءة إذا كان ذلك يصب في مصالحك الآنية، حتى لو وصل هذا التغاضي إلى الإضرار بمصالح الناس. يقودك إلى حد الازدواجية في الرؤية؛ لأنه يجملك أمام نفسك طالما يخشى منك أو لأنك ضروري الوجود في المكان.
وهذا ليس شعارا يحمله لون من البشر، بل هو تصرف يقوم به بعض الناس، وفي ظنهم أنهم يساعدون أنفسهم بهذا الكذب المعسول، بغية أن تبتسم لهم الأيام بالظفر والعظمة. وحين تنتهي حاجتهم المؤقتة يهرعون إلى نجم آخر، صار وجوده أمرا ملزما، فوق رؤوسهم، ليمارسوا عليه الخدعة ذاتها، حتى لو كانت كلماته ووجهته مختلفة في الحياة والعمل.
في السابق حين كانت الأمة الواحدة في ذروة مجدها، كان الناس يجتهدون في تقديم النصيحة لبعضهم البعض باختلاف رتبهم الاجتماعية، وهذا كان داعيا لبقاء قوتهم وولائهم لجسد الأمة المتحدة.
أما حين تغلغل النفاق إلى بعض تصرفاتهم تحت مسميات مختلفة، تخلف حالهم، لدرجة طلب النصيحة من الغرباء. والغريب الذي لا يحبك سيجد حاجتك إليه سلاحا يستفيد منه، وللأسف.. كيد القريب الذي بسببه انتهى الأمر بكارثة بدأ بحالة نفاق تمادت واستقرت في نخاع المجتمع.
بالطبع، الشبهة ليست عامة، فمازال هناك الحريص على الخير، والمصلحة الشاملة. وهناك من يطبق على نفسه جوهر العدالة السماوية، ويعطي الأفضل جهدا ونصيحة، انطلاقا من قوله تعالى: (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم).