مبادرة حية رفيعة التفكير، وعظيمة المنجز، ان يتم انتاج 10 مسرحيات للمسرح القومي العريق في مصر العزيزة، المبادرة والخلاقة دائما في رسم الانموذج الحي للمسرح العربي.
وقدمت، نماذج في آلية تطوير الفعل المسرحي، من خلال نصوص تشيخوف وتطويعها وتغليفها بالواقع المصري العربي، وهذا جهد ليس بالسهل لانه يقف وراء هذه المبادرة عقول فنية رفيعة، تدير الحكاية الفنية بوعي العارف الذي يحترم ذائقة الناس، ويحترم فناني المسرح الذين قدمهم بهذه المسرحيات العشر وهم، سناء شافع، وفهمي الخولي، واسلام امام، وعصام السيد، ومازن الغرباوي، والكاتب علاء عبدالعزيز، وسامح بسيوني، وهشام عطوة.
والمتتبع للأمر، يرى مدى قوة العروض المسرحية، والتي مزجت بين المتعة، والجمال البصري، والكوميديا الراقية، التي استندت اليها هذه العروض.
ولم يكن الامر مجرد مبدأ تشغيلي، وانما يبدو ان الامر يستند الى سيناريو جديد، في اعادة بناء المسرح المصري، وهي فرصة عظيمة في زمن "الكورونا"، ان يكون هذا الوعي انموذجا لاعادة بناء المفهوم لدى المشتغلين بالحقل المسرحي في عالمنا العربي.
والحقيقة انه ترفع القبعات، لاصحاب هذا المشروع الحضاري الرفيع المستوى والمتمثل باصحاب المبادرة، وعلى رأس الفريق وزيرة الثقافة ايناس عبدالدايم ،ورئيس قطاع الانتاج خالد جلال، ورئيس البيت الفني للمسرح اسماعيل مختار، ومدير المسرح القومي ايهاب فهمي، وسامح بسيوني، واسلام امام، والاستاذ الكبير جلال الشرقاوي، وما يعنينا في الامر ليس فقط ان تكون في اي منصب، بل ان تمتلك القدرة على الخلق، والتطوير، والتطويع والانجاز وهذا فعلا ما نراه حين نقرأ ونشاهد المشهد من الخارج، والذي اعطانا دفعة ايجابية قوية لنبادر ايضا في مسرحنا وفق الامكانات المتاحة بعيدا عن مبدأ التشغيل، ونستند الى مبدأ اعادة البناء والتطوير .
ما دفعني للكتابة حول المشروع، هو مشاهدة مسرحية " مشهور مش مشهور " للمخرج المخضرم الشاب مازن الغرباوي، الذي أخذ المسرح في حياته طريقة جادة، وبمسار يحترم فيه ما يقدم من ابداع مسرحي، حيث جاء هذا العرض والذي يطرح مضمونه المسرح في الستينيات، من القرن الماضي والذي يحاكي هزيمة ،67 ومن كان وقتها يحاكي الواقع العربي وصولا بعد 6 سنوات الى عبور ،73 والشعور بفرح النصر ويطرح الاسماء العظيمة عبدالله غيث، وسميحة ايوب، ومحسنة توفيق، وكرم مطاوع، ومحمود ياسين، ونور الشريف، وسعد اردش.
انه السرد الحكائي، لسيرة ذاتية لممثل مغمور اوحى لذاته انه مشهور ، نجم ، عظيم، مغرور، وما طرحه العرض ققيمة مستقاة انه ما اشبه الامس باليوم ومن كان، رائداً، وما قيمته الفعلية ومن يقدم الان مسرحا من جيل الشباب الحالي، فلا نجد الا القلة، العارفة المثقفة التي تأخذ المسرح على محمل الجد وتبنى لذاتها ووطنها ان المسرح بحد ذاته هو فعل ثقافي حضاري ومن ثم تأتي المكملات الاخرى.
لنفحص السائد الان من جيل مسرحي ناشئ في اغلبه، يعمل مسرحاً، وعينه على التلفزيون، يقدم مسرحية او اخرى وفجأة دور رئيسي في مسلسل ضعيف انتاجيا، "لن اتراجع !!!" هكذا ينطق اذا دعي لدور بعمل مسرحي ويضيف المسرح بالنسبة لي اصبح من الماضي، "وكان وسيلتي للوصول ووصلت !!!" اية حكاية هذه التي قد تنطبق على كل قطر عربي!!، حكاية المطية!!، عندما يصبح المسرح مطية يبقى صاحب المطية فنانا فارغا من المحتوى مجرد وجه بلا ملامح، جسد بلا روح، لن يكون نجما بل مشهورا فقط وربما يتعبط ادوارا اكبر من حجمه فيصغرها ويبقى مكانك سر، والسر في المنتج الذي كذب عليه بحكاية النجومية بينما يضع بجيبه الملايين أي المنتج بينما يبقى الفنان في حوض الجهالة يمرح ، مسرحية مشهور مش مشهور عرت هذا الواقع الذي نعيشه الان بروح الستينيات فما سرده الفنان سامي مغاوري ما هو الا يحدث الان.
جهود رفيعة المستوى ترفع لفريق المسرحية القبعات على ما قدم من فن راق بقيادة المخرج الشاب مازن الغرباوي .