تيه بني فلسطينحلمي الأسمر
05-06-2007 03:00 AM
صبيحة الخامس من حزيران 1967 كنت فتى يافعا أرتدي الشورت ، ويومها بكيت بكاء مرا كي لا أرتديه ، لكن أمي أصرت علي فامتثلت كارها ، وكان هذا الخيار لعنة علي ، فبعد سويعات قصيرة من اندلاع الحرب التي لم أر منها غير مشاهد معدودة ، اضطررنا لترك مخيم طولكرم واللجوء إلى الجبال فرارا من القصف الذي بدأ يستهدف المخيم والمدينة الملاصقة له .... فكانت ساقاي العاريتان مرتعا للشوك والحشرات في الجبال ، بين ذلك الشورت واليوم ثمة 39 عاما ، كان عمري آنذاك 9 سنوات - تقريبا - واليوم ها أنذا أمضي إلى الخمسين بخطو سريع ، دهر طويل مضى تخلقت فيها أربعة أجيال ، (تيه بني إسرائيل استمر نحوا من ذلك ، إلا أنه أنتج جيلا جديدا نسي عبودية فرعون مصر) وفي الأثناء مضى جيل النكبة أو كاد إلى ما تحت التراب ، وها نحن جيل النكسة في الطريق ذاته ، فبعد عشر سنين سيصبح عمرنا في الستين ، وحسب قراءتنا الحالية لمجريات الأحداث ، واستلهاما لما جرى خلال العقود الأربعة الماضية ، نحسب أننا لن نجد شيئا من الأرض الفلسطينية لا للتفاوض عليه ولا للنضال من أجله ، فعدونا لم يُضع وقته في البحث في الحلول والمبادرات والمفاوضات ، فقد انصرف كلية لإعطاء الأرض الفلسطينية طابعه اليهودي ، واجتهد في أن "يخفف" ما استطاع من سكانها الأصليين ، ليصبحوا سكانا غير أصليين في المنافي والشتات ، تتقاذفهم الأمواج واللعنات والتآمرات ، عشرات الكتب والمؤلفات كتبت في استبطان وتحليل سبب النكبة والنكسة ، وما تلاهما من اقتتالات ونضالات ومبادرات وصفقات وتواطؤات ، ومن حق أبناء الشتات الفلسطيني وإخوتهم من الأنصار هنا وهناك أن يتوقفوا مليا أمام تداعيات هذه السنين وحصادها ، وقفة ليست كبقية الوقفات ، فالأرض تنسرب من بين أيدينا والأجيال الجديدة تكاد تنسى فلسطين ، ومستوى الخذلان في دمنا يفوق نسبة الدهون الثلاثية والكولسترول ، والتعويل على ضمير العالم لم ينتج غير مزيد من الضياعات ، وتكاد كل الحروب التي خيضت للتحرير تكون مجرد مسرحيات هزلية خاصة بعد أن خرجت أوراقها المخزية من صدور المشاركين فيها وغدت مُلكا للرأي العام.
|
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * |
بقي لك 500 حرف
|
رمز التحقق : |
تحديث الرمز
أكتب الرمز :
|
برمجة واستضافة