عشنا ورأينا العجب العجاب, فالقدس حيث مسرى ومعراج محمد صلى الله عليه وسلم, وكنيسة القيامة, والعهدة العمرية, ومنبر صلاح الدين, هي اليوم وبمقتضى قانون يهودية الدولة الفريد من نوعه عبر تاريخ البشرية, وبعد أن أهدتها الإدارة الأميركية عاصمة موحدة للكيان الإسرائيلي المحتل, مدينة تخضع للسيادة الإسرائيلية وفقا للقانون ألمشار إليه أعلاه!.
قريبا وبعد أن خابت توقعات "نيكي هيلي" بإنطباق السماء على الأرض صبيحة تطبيق قرار نقل سفارة بلادها إلى القدس, عندما صمت العرب والمسلمون بإستثناء الأردن والسلطة الفلسطينية, ستشرع حكومة "نتنياهو" بتهويد ثلث الضفة الغربية على "جرعات" متتابعة, لتصبح المستعمرات والغور الفلسطيني أيضا , أرضا يهودية تخضع للسيادة الإسرائيلية!.
العجب العجاب الذي نرى هو الصمت الرسمي العربي والإسلامي المرعب عما يجري , وتحميل الأردن وحيدا مسؤولية المواجهة والتصدي لهذه الأطماع والمطامح, وكأن على الأردن المثقل بالهموم والمصاعب وجلها إن لم تكن كلها مخرجات لمصائب عربية لا ذنب له فيها, أن يواجه سياسيا وعسكريا وإقتصاديا لا بل وإستراتيجيا, الإجراءات والسياسات الإسرائيلية والأميركية وحيدا بلا سند ولا معين ولو معنويا على الأقل!.
يكافح "الملك" وكل الأردن معه على أكثر من جبهة. يستعين بالله, ثم بأوروبا وروسيا ويحاور الكونجرس, ولسان حاله هو أن الأردن يكافح من أجل سلام تاريخي قابل للديمومة وترضى به الأجيال ولمصلحة الشعوب كافة, فيما "يكافح" نتنياهو ومن معه , ضد السلام والإستقرار وتكريسا للأحقاد ودعما للعنف وترسيخا للعداء المستفحل منذ عقود في منطقة ذات أهمية حيوية قصوى للعالم قاطبة وليس للأردنيين والفلسطينيين فقط.
مصدر الإحباط الذي يخالطنا نحن الأردنيين, هو أننا لم نتخلف يوما عن دعم عربي طاله خطر وظلم ومن المحيط إلى الخليج, وعندما يداهمنا هذا الخطر بتصفية القضية الفلسطينية وعلى حساب مصالحنا الوطنية العليا أردنيين وفلسطينيين معا, نحاول وبروح قومية صادقة إلتماس العذر لأشقائنا ونتوجه إلى أوروبا وروسيا وغيرهما بحثا عن أصوات منصفة مساندة, فنجدها!.
وما دام "قانون الغاب" هو الذي يحكم العلاقات الدولية اليوم وعلى نحو أعطى "إسرائيل" شرعية سن قانون يهودية الدولة على سائر فلسطين التاريخية, فإنني وبالمثل أطالب السلطة الفلسطينية بسن قانون إسلامية ومسيحية الدولة الفلسطينية في الضفة الغربية, وإخضاع المستعمرات الإسرائيلية فيها للسيادة الفلسطينية.
الأردن وكشأنه دوما مستعد لأكبر وأكثر التضحيات من أجل القدس والحقوق التاريخية المشروعة للشعب الفلسطيني الشقيق, فهل يفعل 1500 مليون عربي ومسلم الشيء ذاته ولو من أجل إنقاذ موضع صلاتهم وسجودهم في القدس الشريف إن لم يكن دعما لحقوق الفلسطينيين ورد شيء من جمائل الأردن الذي يتهدد الضم مصالحه الوطنية العليا, ولاحقا ولا محالة, مصالح العرب كافة.
أختم بقول حكيم أمي أردني إذ يقول "لصار صديقك بهالدنيا مخليك , ماعقب عوج النصايب صداقة". أعان الله الأردن بقيادة مليكه الشجاع وهمة شعبه الواحد الشجاع على أداء ما أمكن من واجب طلبا لمرضاة الله وراحة للضمائر ووفاء لفلسطين ودماء الشهداء وعناء المهجرين والمحرومين ودفاعا عن الوطن الأردني العربي الهاشمي الصامد. القدس لن تكون إلا عربية وإسلامية. والله سبحانه وتعالى من وراء قصدي.