يحظى الأطباء وموظفو القطاع الصحي بتقدير وإشادة من قبل الجميع خلال الفترة الاخيرة، نظراً للمعارك الضارية التي يخوضونها لعلاج مرضى فيروس كورونا المستجد كوفيد_19، وسط ضغط العمل ونقص في معدات العمل الضرورية، وحرص مواطنو عدد من الدول في العالم على إقامة مبادرات عرفان وشكر تجاه الأطباء وموظفي الصحة سواء من خلال التصفيق من النوافذ والشرفات أو من خلال الإشادة بالتضحيات عبر منصات التواصل الاجتماعي.
نحو أكثر من مليونين في أرجاء العالم نال منهم فيروس كورونا، منهم من استعاد عافيته ومنهم من لفظ أنفاسه بسببه،والأغلبية ما زالت تصارع الجائحة،يحدث ذلك والدنيا بأسرها رهينة لدى كورونا، وأقعد الناس عن العمل والإنتاج وضرب مصالح الدول والشركات، والعالم اليوم بأسره يخوض معركة واحدة ضد عدو غير مرئي اجتاح الكرة الأرضية، حيث حدود تغلق وقارات بإكملها تعزل، ومدن بأكملها تعيش الحجر الصحي وكبريات الشركات تغلق أبوابها وملايين الوظائف في خطر، والكل مشغول بقراءة أعداد الإصابات والوفيات بالفيروس، وفي الأفق يلوح مستقبل قد يكون أكثر قتامة، ،لمن كلمة الفصل اليوم؟ وللإجابة عن هذا السؤال يمكن القول بأن مع ارتفاع أعداد الإصابات بشكل سريع، أدرك العالم بأسره المفزوع من الحياة المهددة بكورونا أنه لن ينقذها سياسي أو إمبراطور أو حزب أو معركة، فتوجهت الأنظار إلى الطبيب المنشغل بالبحث العلمي لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وأدار ظهره للسياسين وسياساتهم، وأصبح التصفيق اليومي للجيش الأبيض طقساً يومياً يمارسه البشر تقديراً لكل طبيب، وكأن البشرية عقمت أيديها من التصفيق للسياسين.
إن الكلمة الآن للجيش الأبيض الطبي، وحيث أن الجميع متفقون أن خط الدفاع الأول يتولاه ملائكة الرحمة والإنسانية والشفاء ملائكة الأمل الجيش الأبيض من الأطباء والممرضين والعاملين في القطاعات الطبية، ودائماً تجدهم جنود واقفين في خط الدفاع الأول وقت الأزمات، يضحون بكل شيء، ويرسم التعب والإرهاق ملامحهم في سبيل بث الأمل داخل نفوس المرضى، يبذلون جهداً مضاعفاً للعناية بمئات الآلاف من المصابين بفيروس كورونا المستجد مما قد يعرض حياتهم للخطر، واليوم تضرب جهودهم أكبر مثال عندما يقع العالم تحت تهديد خطر فيروس كورونا الذي أوقف الحياه في شرايين الدول، فنجدهم في قلب المستشفيات أبطالاً غارقين في معاطف تشبه معاطف رواد الفضاء بيضاء اللون، اتخذوا القرار في محاربة الوباء لأستمرار الحياة ويقضون كل أوقاتهم في المشافي ولا يقابلون عائلاتهم إما خوفاً من العدوى أو لعدم كفاية الطاقم الطبي، يقدمون تضحيات وبطولات ويصابون بالإرهاق الشديد خاصة في بؤر الوباء، يضطر موظفو قطاع الصحة الأطباء والممرضين إلى العمل في ظروف صعبة وسط انتشار الفيروس ويجدون أنفسهم مجبرين على ارتداء كمامات واقية شديدة الحماية وهو ما يجعل تنفسهم صعباً خلال أداء عملهم، فضلاً عن ذلك يرتدي الأطباء الذين يعالجون مرضى كورونا ألبسه واقيه تعرقل حركتهم، وتحرمهم من تناول الطعام أو شرب الماء طيلة ساعات العمل، ولا يستطيعون القيام ببعض الامور الطبيعية إلا بعد مرور ساعات، وبما أن هنالك دولاً كثيرة في العالم تعاني نقصاً في الأطباء والممرضين يضطر موظفون كثيرون في قطاع الصحة للعمل بشكل إضافي حتى يسدوا حاجات المنشآت الصحية التي تستقبل عدداً إضافياً من المرضى كل يوم.
أطباء عظماء في الخطوط الأمامية اصطفوا وأمام عدو لا يرى، سلّموا ووهبوا أنفسهم وما كان تسليمهم باللهيّن،رجال ونساء صدقوا ما عاهدوا الله فكانوا سنداً يستند عليهم الشخص السليم والمريض وحتى المتعافي، أطباء كانوا إلا أن كورونا حولتهم إلى جنود كتائب همهم الوحيد القضاء على فيروس كورونا الذي يتجاوز حدود الوطن دون إذن، وتربص بأرواح وصحة المواطنين، الحرب الضروس التي خاضها ولا يزال هؤلاء حرباً عاهدة النار والأقتتال، إذ أن هذا العدو لا تخمده نار ولا تلقي بآخرتهم في المعركة كمامات وقفازات وبدلات بيضاء تدل على ارتدائها على الأمل والحياة من جديد والتصدي والشجاعة ،فهم مجنّدون لإنقاذ الأرواح وتقديم جرعات الأمل أمام فيروس قاتل، كان وبميدان شرف قد فتك حتى بقائد من قادة جنودنا البيض، أسماء ستبقى حتماً في لغة الإنسانية زمراً والوطنية مثالاً والمهنية شرفاً.
هم الجيش الأبيض الذي يقود في الصفوف الأمامية للمعركة ضد كورونا، يلجأ إليهم المصابون حتى يشفوا والمشتبه بأصابتهم كي يحددوا حالتهم والأصحاء كي يتخذوا الوقاية من الفيروس، طبيبات وأطباء ممرضون وممرضات مسعفات ومسعفون يواجهون الوباء دون كلل أو ملل، عيوناً لا تنام وقد تنال قسطاً من الراحة في أحد زوايا المستشفى، إرهاق وتعب بعد ساعات طويلة لإنقاذ الأرواح من العدو المجهري، أطباء وممرضون جنّدوا أنفسهم طواعية بمواجهة العدو مجابهة فيروس اجتاح العالم في غضون أشهر.
أطباء ضحوا بحياتهم لإنقاذ مصابي فيروس كورونا الذي تفشى حول العالم وأودى بحياة الملايين من الأشخاص، فيما تعافى عشرات الآلاف بفضل تضحيات جيش الأطباء الأبيض ومن الأمثلة العظيمة التي ستبقى في أذهاننا ذكر بعض الأطباء الذين لحقوا حتفهم في مواجهة العدو الفتاك ومنهم في جمهورية مصر أعلنت سابقاً اول وفاة في معركة كورونا من الجيش الأبيض الدكتور أحمد اللواح، وفي الصين أودى فيروس كورونا بحياة الطبيب لي وين ليانج، وفي فرنسا أعلن وزير الصحة وفاة طبيب بكورونا المستجد عمل بالطوارئ في أول المناطق المتضررة، وتوفي سريعا بعد نقله للعزل الصحي، وفي ايطاليا توفي أكثر من 500 طبيب أحدهم حضر للعمل دون قفازات نظراً للعجز الطبي الكبير في المعدات الطبية، وفي إنجلترا أعلنت وفاة طبيب عربي الدكتور أمجد الحوراني استشاري الأنف والأذن والحنجرة، وفي امريكا توفي الدكتور أسامة رياض طبيب يمني يعمل بأحد المشافي في نيويورك، وفي إيران توفي 77 طبيباً.
فتحية للجيوش البيضاء في أوطاننا في كل أنحاء العالم، الذين يقفون صفاً واحداً وجميع الذين معهن في الصفوف الأمامية من جميع التخصصات الطبية لصد هذا الوباء واجتثاث المرض، وواجب علينا أن نترحم على من فارقوا الحياة في سبيل إنقاذ غيرهم، وواجب علينا تقديم الشكر والتقدير والعرفان للذين ما زالوا يحاربون في الصفوف الامامية بكل قوتهم.