ماذا تعني الثانويةُ العامَّة في الأردن؟
المحامية آية توفيق المهيرات
25-06-2020 09:54 AM
ذكرياتُ " التوجيهي" حاضرةً في الذاكرة وإن غابَ هو!
على الرُغمِّ من مرورِ عدةِ سنواتٍ عَنْ تجاوُزي هذهِ المرحلة ، إلّا أن ذِكْرَاها وتفاصيلَها ما زالتْ ناقوصاً يدُقُّ في وِجداني ، وما زالت فرحةُ اجتيازِها هي المُتربَّعة على عرش القَلْب ؛ لا يُضاهيها في الحُسن والبهجة أيُّ فرحة !
فمثلاً ، في هذة السنةِ بدأتْ رحلتي مع القهوة ؛ التي ما كُنت أَرى لها الجدوى سِوى أنَّني كطالبٍ للثانوية العامة يجِب أنْ أكونَ مِن مُحتَسيها ، ليس هذا وحسب بل إنَّ عشراتِ الأكوابِ مِنها كانتْ تعودُ للمطبخ ما فَرَغ منها شيء!
إلا أنها كانت تُشعرني بالصحوةِ أوقاتَ الغفوة ، فيكفيني مِنها هذا الدعم اللوجستيّ والمعنويّ !
زياراتُ العائلة ذهاباً أَو إياباً تقلصت بشكلٍ تدريجي ، إلا أنْ اختفت كلياً قُبَيْل وخلالَ الامتحانات!
حتى أخبارُ الثامنة أو النشرة الجوية في تمام الساعة التاسعة نالها نصيبُها من " التوجيهي" !
وأصبحَ للإبرة صوتٌ لَهُ ردٌ في أرجاء البيت !
عامٌ ما فاز فيه سوى مَنْ اجتهد!
وما حَصَد فيه إلَّا مَنْ زرع !
وما ذاقَ فرحتَهُ في آخر الطريق إلا من تعثَّر في مطبّاتِه ونَهَضَ بَعْدَ ما وَقَع!
عامٌ على الرغمِّ مِنْ تحدِياتِه ومتطلباتِه إلَّا أنَّه أٌحلى الأعوام في حياة أيِّ إنسان!
فيه تكونُ أُولى الخطواتِ التي سَيَخطيها الطالبُ المدرسيُّ في تحديد المصيرِ ، وتحديدِ البابِ الذي سيسلُك منه في أعوامِّه القادمه!
وبالعودةِ لتفاصيلِ هذهِ السنة ، ما زِلْتُ أذكرُ :
الأقلامَ التي كنتُ أفتخر بتجميعِها بعدَ نفاذِ حبرِها في الدراسة!
الجداوِلَ الكثيرةَ التي كُنت أُعِدُّها مِن أوَّلِ هذا العام والتي كانت تنظِّمُ وقتي بأكملِه!
كلَّ كبارِ السِّنِ الذينَ كنتُ ألقاهَم مِمَّن أَعرِفهم ولا أعرِفهم ، لأتسابق على كسبِ محبتِهم ، فأطلُبَ دعائهم لي في هذا العام !
الخوفَ الذي كان يُصيبُني حين يدعو ليه أحدهم " الله يعطيكِ بقدر تعبك" ، فقَد كنتُ أخشى أن يكون تعبي ليس كافياً !
والدقائقَ العديدةَ التي كنتُ أسترقُها من وقتِ الدراسةِ لتخيُّل يومِ النتائجِ وتوتُرِه وترَقُبِه وفَرحَتِه !
المدرسةَ ، ومن ساروا مَعَنا في دربِ هذا العام!
أوقاتَ التعبِ وانخفاضَ مستوياتِ الأمل !
صوتَ المنبِّه!
موقع وزارة التربية والتعليم!
رقم الجلوس!
أنقر لمعرفة النتيجة!
تبدأُ مخاوفُ " التوجيهي" عند طلبةِ المدارسِ منذُ اليومِ الأولِ على مقاعدِ الدراسةِ في الصفوفٌ الأساسيةِ الأولى، وسُرعان ما تتزايدُ مع كلِّ قفزةٍ للمراحلِّ الدراسيةِ ما قبل عامِ الثاني ثانوي .
هي بروتوكولاتٌ نفسيةٌ نَشَأَت مُنذُ نشوءِ الثانويةِ العامة، وما لَبِثت إلِّا وأنْ صارت أعراف!
وها نحن الآن على أبوابِ اختباراتٍ جديدة في ظل ظروف جديدة ، لتُخرِجَ لنا فوجاً جديداً من طلبةِ التوجيهي الذينَ سيتأهلونَ لمرحلةٍ أَوسَعَ وأجَدّ !
ثمَّ نمكُثَ فترةَ انتظارٍ قصيرةً وإنْ بدَتْ طويلة ، لنسمعَ بعدها أصواتَ الزغاريدِ من بيتِ كلِّ طالب توجيهي إن شاء الله.