الاقتصاد الامريكي في المقدمة
عبد المنعم عاكف الزعبي
14-02-2010 03:52 PM
نتج عن الازمة المالية الاخيرة ان اضحى موقع الصدارة الذي يحتله الاقتصاد الامريكي محط تساؤل و جدل يتجاذبه السياسيون و الاقتصاديون على حد سواء. استقصاء الدروس و موضوعية التحليل تميل الى الاستنتاج بان امريكا ستحافظ على موقع اقتصادي ريادي في السنوات القليلة القادمة.
الحجم المتعاظم للاقتصاد الامريكي و القوة الشرائية التي يمثلها يجعل من انهياره او تراجعه امرا لايسر عدوا و لا صديقا. تماما كما هو حال المؤسسات المصرفية العملاقة ((Too Big To Fail والتي كاد ان يودي انهيار احدها بكامل النظام الاقتصادي العالمي. الصين, و هي القوة الاقتصادية التي يراهن عليها الكثيرون, تعتمد صادراتها بالدرجة الرئيسية على السوق و المستهلك الامريكي. كذلك, تعتمد تنافسية الصادرات الصينية على عملتها المنخفضة و تجاهل بكين للمعايير البيئية و العمالية العالمية, و هي الاوراق الصعبة التي تستخدمها امريكا لحماية منتجاتها المحلية و موازينها التجارية من الزحف الاقتصادي الصيني.
اما الاتحاد الاوروبي, و هو الذي يعاني حاليا من ازمة ديون اليونان, فما زال يواجه الكثير من العقبات التي قد تمنعه من اللحاق بالعملاق المريكي على المدى المنظور. اهم تلك العراقيل و العقبات التباين الواسع بين اعضائه. فما تشهده بعض الدول الاوروبية من تعاف اقتصادي يقابله بطالة متعاظمة و ازمات مالية حكومية في دول اخرى. كذلك, اظهر تباطؤ الدول الاوروبية الغنية مؤخرا في انقاذ حكومة اليونان النزعات القومية و اللا مركزية التي لا زالت تقف في طريق تقدم هذا الاتحاد كوحدة متكاملة قد يكون من امرها منافسة الولايات المتحدة. مشكلة اللامركزية و نزعاتها ليست متوقفة على الاتحاد الاوروبي, فلا زالت الصين تعاني من الفروقات الضخمة و النزعات بين مقاطعات الساحل و الداخل.
اما الدولار الامريكي, و هو الذي بدا يتعافى مؤخرا, فمن المستبعد تماما ان تنهار قيمته في المدى المنظور. فمعدلات التضخم امريكيا لا زالت تحت السيطرة. الدولار الامريكي ايضا لا زال يشكل عملة الاستثمارات الامنة و المتمثلة بسندات ديون الحكومة الامريكية. كما ان اسواق امريكا لازات الاكثر حرية و الاعظم سيولة و بالتالي الاكثر جاذبية لاستثمار احتياطات الدول الاخرى من العمل الصعبة. فرغم نداءات التحذير التي تصدرها الدول الدائنة لامريكا من تراجع الدولار الا ان موجوداتها من سندات الحكومة الامريكية في تزايد مستمر حيث ارتفعت من 2.9 ترليون دولار مع بداية الازمة الى 3.5 ترليون دولار في تشرين الثاني 2009 يملك التنين الصيني منها 700 مليار دولار,
الترابط و التشابك الذي خلقته امريكا "بسبق الاصرار" بين الاقتصادات العالمية تحت شعارات السوق الحر و العولمة هو الذي سيحافظ على موقعها الريادي اقتصاديا, ربما ليس بجهودها بل بجهود من ستضرر مصالحهم من انهيارها اعداء كانوا لها او اصدقاء.