عن فلسطين: يا دار منتي دارنا العام الأول!
شحاده أبو بقر
23-06-2020 11:04 PM
كنا قبل حرب "الفزعة العربية" عام 1967 من سكان بلدة "الكرامة" وهي أول مخيم للأجئين الفلسطينيين يجمع بين اللاجيء وغير اللاجيء في عيش محترم لا وجود فيه لمفردة شرقي غربي وما شابه من مفردات يمقتها الله ورسوله وكل ذي قلب أبيض نظيف طاهر.
كنا حينها فتيانا صغارا ننام ونصحوا على أنوار القدس الشريف . كان أخي الكبير رحمه الله النائب السابق الشيخ عبدالكريم أبو بقر يحرص على الذهاب مع نفر من الأقرباء والأصحاب إلى القدس يوم الجمعة للصلاة في الأقصى والعودة عصرا . كانت القدس وأريحا ورام الله ونابلس هي سوق أهلنا منها يشترون وفيها يسوقون منتجاتهم الزراعية وغيرها .
كانت الألفة والمحبة الصادقة هي ما يجمع بين الناس , إلى أن وقعت الحرب . تشتتنا وتباعدنا, منا من هجر البلدة إلى عمان والزرقاء وغيرهما وإستقر بنا نحن المقام في عيرا ويرقا وكانت مصايفنا نحن وسائر أقربائنا من قبيلة " عباد " الكريمة من أهل الكرامة .
إحتل العدو الضفة الغربية كاملة . وضاقت علينا الدار جميعا , كانت الدار من غرفتين شرقية وغربية تتقاسم البرلمان والحكومة وكل تفاصيل الحياة الطيبة , فصرنا جميعا في غرفة واحدة , ترنو عيوننا إلى عودة الضفة وجلاء الغزاة بين لحظة ولحظة .
طالت الأيام وصارت شهورا وسنين وعقودا والضفة لم تعد والقدس أسيرة , ونسي أو تناسى بعضنا حيفا ويافا وعكا وصفد والجليل وغيرها . فلا هي عادت ولا الضفة عادت . واليوم " يتبرطع " نتنياهو وملته في سائر فلسطين من النهر وحتى البحر وعيونه شاخصة صوب ما هو أبعد ! .
أحرص دوما على تأمل أنوار القدس ليلا من شرفة منزل إبني الدكتور مازن وأقول في نفسي , يا من درى هل تعود ! , وأسأل السؤال الحزين ذاته على لسان الشاعر البدوي الشهم الأصيل " يا دار منتي دارنا العام الأول " .
أستعرض حالنا وحال أهلنا العرب في هذا الزمان , وأحزن .. فلقد جنحت بنا الأيام والسنون بعيدا عن فلسطين والقدس وأقصاها ومساجدها وكنائسها وها نحن العرب وجميعا ننتظر , ترى هل يضم ما تبقى أم لا ! ومتى وكيف ! , وهل خلص ضاعت فلسطين العربية إلى غير رجعة وصارت " إسرائيل " رغم أنوف 400 مليون عربي و1500 مليون مسلم !!! .
شخصيا أجزم مؤمنا بالله أن فلسطين عائدة لا محالة وأن الغزاة الظلمة لا بد عائدون من حيث أتوا , وليس هذا على الله ببعيد .
ختاما , أشفق على الأردن فهو اليوم وحيد في تشبثه بالماضي الذي يصر على أن فلسطين عربية , وأن جواب سؤال الشاعر البدوي الشهم إذ يتساءل بحرقة ملؤها الحزن قائلا , يا دار منتي دارنا العام الأول , هو نعم هي دارنا العام الأول وستعود رغم أنوف الصهاينة وأعوانهم وداعميهم دارا لنا ولكل عربي حر شريف وكل مسلم مؤمن حق , فليس في رحابها الطهور ذرة تراب تقبل بأن تكون غير عربية إسلامية حرة , وإن غدا لناظره قريب . والله جل جلاله من وراء قصدي .