اثر حجم الحكومة على النمو الاقتصادي: رساله 7 الى الرئيس
د. عادل يعقوب الشمايله
23-06-2020 11:11 AM
لا زال هناك خلاف بين نتائج الابحاث المنشورة في المجلات العلمية المُحكّمة، حول العلاقة بين حجم الحكومة ومعدلات النمو الاقتصادي. معظم الابحاث توصلت الى وجود علاقة سلبية وبدرجة ثقة 95%. أي أنه كلما كبر حجم الحكومة كلما قل النمو الاقتصادي ليصل الى السالب. في حين إنقسمت بقية الابحاث وعددها قليل، بين عدم وجود علاقة، ووجود علاقة ايجابية. أي انه كلما كبر حجم الحكومة إزداد النمو الاقتصادي.
أيدت الدراسة التي أجريتها عن الاردن عام 2018 والتي غطت الفترة الزمنية من 2006-2017 والتي نشرت في مجلة اجنبية محكمة في السنة ذاتها، علاوة على نشر ملخصات عن نتائجها باللغة العربية في المقالات الست السابقة، غالبية الابحاث التي تقول بوجود تأثير سلبي لحجم الحكومة على النمو الاقتصادي في المدى الطويل. وقد توصلت الدراسة الى انطباق قانون آرمي (ِArmey rule: Armey inverted –U shape curve). على الحالة الاردنية. إذ ينص القانون على أن العلاقة بين النفقات الحكومية ومعدل النمو الاقتصادي ليست علاقة خطية بل تأخذ شكل مقلوب حرف يو. بمعنى حدوث نمو إقتصادي متصاعد في البداية إستجابة لتزايد النفقات الحكومية السنوية، بعدها يعود المنحنى في السنوات اللاحقة ليأخذ اتجاها تنازليا، اي التناقص المستمر في معدلات النمو الاقتصادي حتى تصبح قيمها سلبية. هذه النتيجة تنسجم مع ما توصل اليه كل من: (Gallaway,1998), (Mala,200), (Facchini,2011), (Karavias,2015), (Saes Emmanuel,2017). وآخرين.
الخلاصة: أن الاردن قد خبر خلال الفترة من 2006-2017 المرحلتين المتناقضتين في إتجاه معدلات النمو الاقتصادي. في الفترة الاولى كانت معدلات النمو الاقتصادي تتجاوز 5% ثم تناقصت الى 1% بل الى نمو سالب في السنوات العشر الاخيرة.
كما توصلت الدراسة الى أن هناك علاقة سلبية ذات دلالة احصائية عند درجة ثقه 95% بين حجم الضرائب الحكومية وبين معدلات النمو الاقتصادي. أي أن تزايد الضرائب يؤدي الى تراجع معدلات النمو الاقتصادي. هذه النتيجه تؤيد ما توصل اليه كل من: Strauch, 2008), Afonso, 2010)) وآخرين. كما تتوافق مع ما ذهب اليه إبن خلدون في مقدمته، وتاريخ الامبراطوريات الصينية التي كانت تتهاوى عقب تزايد الضرائب، والنقمة على الكنيسة في العصور الوسطى بسبب جشعها المالي مما ادى الى الثورة عليها وانزوائها، وتهاوي الامبراطورية العثمانية.
السؤال: هل يجب على الحكومة ان تخفض من حجم انفاقها اذا ارادت ان يتحقق نمو اقتصادي موجب في الاردن؟ الجواب نعم ولا. نعم من حيث حتمية تخفيض حجم النفقات الجارية بكافة اشكالها تخفيضا جراحيا. ولا من حيث ضرورة تزايد حجم الانفاق الرأسمالي بعد ان شهد رحلة تباطأ وتلكأ لعدة سنوات. كما يمتد التسائل الى الضرائب الحكومية والتي ثبت ما حذرنا منه تكرارا من تسببها في إنخفاض الحافز للاستثمار وارتفاع الودائع البنكية، ثم هروب المستثمرين الى الخارج، والتهرب الضريبي وارتفاع كلفة ضبطه. كما أنه يؤدي الى ارتفاع الاسعار وجعل الاردن بلدا غير مرغوب فيه سياحيا. فالسياح تهمهم الاسعار أولا قبل حجارة القلاع والاثار المنتشرة في الشرق الاوسط كله، والبتراء التي لم تستطع الحكومات أن تضيف الى جهد واجتهاد الانباط حمامات يلبي فيها السياح الحاح الطبيعة البشرية.
كم توصلت دراستي الى وجود علاقة ايجابية وبدرجة ثقة 90% بين الانفاق الحكومي على برامج الرفاه الاجتماعي كالتعليم والصحة وشبكة الامان الاجتماعي والنمو الاقتصادي. هذه النتيجة تؤيد ما توصلت اليه معظم الدراسات المنشورة، وتختلف مع نتائج عدد محدود من الدراسات.