قبل أن يدخل الأردن في جائحة كورونا، سجل إجمالي الدين العام الأردني زيادة ملحوظة إلى 30.214 مليار دينار للربع الأول من العام الجاري، ليمثل 96.9 % من الناتج المحلي الإجمالي المقدر لعام 2020.
إذا كان الناتج المحلي الإجمالي سينكمش بنسبة 4ر3% فمعنى هذا أن هذه النسبة سترتفع تلقائيا من دون أن تستدين الحكومة قرشا واحدا، لكن هذا الإرتفاع سيكون نسبيا ولن يعادله قيمة، وما أن يستعيد الناتج المحلي الإجمالي عافيته ويبدأ بالنمو ستختفي هذه الزيادة تلقائيا.
الأردن ليس مثل الدول الكبرى والغنية التي تستطيع أن تزيد مديونيتها نسبة إلى حجم اقتصادها وتستطيع تدبير مصادر اقتراض سهلة بما فيها طباعة النقد بكميات كبيرة، وهو ما يجعلنا نقول بالفم الملآن إن المديونية خطر يدعو إلى القلق وتؤثر على المركز المالي وتزيد المخاطر في نظر المستثمرين فما بالك لو أن الحكومة مضطرة للإستدانة بأكثر مما هو مخطط له.
لا تزال الحكومة تمول العجز بمديونية شركة الكهرباء الوطنية مع أنها وصلت الى نقطة التعادل في الإيرادات والتكاليف وقد تحقق لهذه السنة ربحا لكن المشكلة لا تزال قائمة في العجوزات المتراكمة التي تكفلها الحكومة وتبلغ مع عجز سلطة المياه نحو 6ر7 مليار دينار.
هناك التباس في قراءة المديونية، فالإعتقاد السائد أن الأردن مدين بكامل المبلغ وهو 30.214 مليار دينار للخارج اعتقاد خاطئ لكن الحقيقة هي أن رصيد الدين الخارجي بالدولار أو بالعملات الصعبة يبلغ 12.351 مليار دينار، تمثل 39.6% من الناتج المحلي الإجمالي المقدر لعام 2020 وما تبقى والبالغ 16.46 مليار دينار تمثل 52.8 % من الناتج المحلي الإجمالي المقدر لعام 2020، هي ديون داخلية أي أن الأردن كان يستدين من نفسه وبالدينار.
تلجأ الحكومة للإستدانة الداخلية عندما يضيق الحيز المالي أمام الإستدانة الخارجية, وسواء كانت المديونية محلية بالدينار أو خارجية بالدولار فإن تضخمها سيء والقول إن مديونية الأردن تجاوزت الحدود الآمنة، صحيح وإلا لما كان صندوق النقد الدولي يشترط مع كل برنامج تخفيض المديونية.
تستطيع الحكومة تسديد الدين الداخلي بجرة قلم لو أنها قادرة على سلوك أساليب الدول الغنية التي توسعت في إصدار النقد بلا حساب وهو سلوك عرف عالميا بإسم التيسير الكمي, لكن محاذير مثل هذا على إقتصاد صغير مثل الإقتصاد الأردني كبيرة وقاسية, مثل هبوط سعر الصرف واختلال ميكانيكية ربط الدينار بالدولار وتضخم جامح وتضاعف التكاليف.
(الرأي)