ما وراء "فتح غيت": مصير عباس والضفة
د. محمد أبو رمان
13-02-2010 11:49 AM
لا يملك من يشاهد التقرير الذي بثّته القناة العاشرة الإسرائيلية عن رئيس ديوان الرئاسة الفلسطينية رفيق الحسيني، إلاّ أن يصاب بالكآبة مما وصلت إليه حال فتح والسلطة، والقلق من كرة الثلج التي تكبر، مع مرور الوقت، وتشي بأنّ مستقبل الضفة الغربية ليس بأيدٍ أمينة على الإطلاق.
تقرير "فتح غيت" يحمل دعاوى ضابط سابق في السلطة الفلسطينية، فهمي شبانة التميمي، على الحسيني وأبناء الرئيس عباس وكبار المسؤولين بالفساد، وفيه رصد مصوّر من جهاز المخابرات العامة للحسيني، متجرّدا من أغلب ملابسه في منزل إحدى النساء، بدعوى محاولة الإيقاع بها، قبل أن يفاجئه أفراد المخابرات!
السلطة الفلسطينية، التي سارعت لاتهام الضابط السابق شبانة، لم تنف ما ورد في الشريط، بقدر ما لفتت الانتباه للأهداف الإسرائيلية من ورائه، واعتبارها بمثابة محاولة لليّ ذراع الرئيس عباس للقبول بالعودة لمفاوضات مباشرة مع إسرائيل من دون شروط مسبقة.
بعيداً عمّا وراء بث التقرير المؤلم، الذي قد لا نختلف عليه، فإنّ الدلالة الأهم في هذه القصة، أخطر بكثير، بما تؤشر عليه من فساد واختراقات وتفكك، وتدعو إلى مناقشة جادّة وفورية عربية، وأردنية، لما وصلت إليه حال حركة فتح والسلطة الفلسطينية اليوم!
سبق هذه "الفضيحة" أيضاً ما سرّبته صحيفة هآرتس عن الزيارة التي قام بها رئيس الشاباك الإسرائيلي يوفال ديسكين، للرئيس عباس، وتهديده له، ما دفع الأخير لاتخاذ قرار طلب تأجيل مناقشة تقرير غولدستون، في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. أيضاً، لم تنفِ السلطة ذلك التقرير الموثّق، ولم تفنّده.
ما وراء "فتح غيت" هو، فيما يبدو، تحضير لسيناريوهات جديدة، تستدعي النقاش والحوار، بخاصة أنّنا أمام وجهة إسرائيلية واضحة ضد التسوية السلمية، وترفض مبدأ إقامة دولة على حدود العام 1967، وذلك يستبعد أنّ المقصود الضغط على عباس لتقديم مزيد من التنازلات، طالما أنّ إسرائيل معنية بحلول أخرى.
أمّا إذا ربطنا بين هذا التقرير والسياق السياسي الإقليمي والداخلي السابق عليه، فإنّ المؤشر يسير نحو "إنهاء" عباس، وليس "تركيعه"، وقد أسرّ عبّاس لبعض أصدقائه، قبل أشهر قليلة، أنّه يتوقع نهاية شبيهة بعرفات. لكن يبدو أن المُخرِج الإسرائيلي يسعى إلى نهاية مختلفة تماماً!
بالطبع، ليس المقصود شخصية عبّاس حصرياً، بل الاستقرار الأمني والسياسي في الضفّة، فنهاية عباس وتفكك فتح وتحوّلها مؤخراً إلى جزر وشخصيات متناحرة متقاتلة، كل ذلك يطرح سؤال مصير الضفة بأسرها؟
تلك المؤشرات والمقدّمات هي، بالضرورة، لسيناريو "ما" يجري التخطيط له. هل المطلوب، إذن، فوضى أمنية وسياسية في الضفّة الغربية، ولماذا؟
هل قلت سابقاً إنّ ذلك يعنينا، تحديداً، هنا في الأردن! ويستدعي عدم موافقتنا على ذلك السيناريو خطوات بالاتجاه المعاكس، فلماذا ما نزال نتفرّج (فقط) إلى الآن؟!
الغد