خلية إدارة الأزمات .. عشتم
د. عبدالحليم دوجان
20-06-2020 08:24 PM
قلائل هم من يعلمون المعاناة التي رافقت عمل خلية الأزمات خلال الجائحة، ويدركون المسؤولية التي يتحملها فتية الخلية، فمن اليوم الأول للأزمة قرروا أن لا يستكينوا أو يهنوا أمام الجائحة، فكانوا بالمرصاد من تحت الأرض من مركز إدارة الأزمات يتعاملون ويديرون شؤونها بحرفية عالية، ويعملون بانسجام وبصوت خافت ويترقبون بحذر المشهد العام، واضعين نصب أعينهم سلامة المواطن والوطن، مؤمنين بأن وطننا يستحق الكثير ، فلا جدال أو نقاش على حساب صحة المواطن ولا أولوية عليها.
تشرفنا بالعمل معهم في هذا الظرف الصعب، وتعلمنا الكثير منهم، فكان للصبر معنى، وللحكمة والاجتهاد طريق، وللخوف صوت، فلقد أبدع فتية الجيش العربي والأجهزة الأمنية وممثلو الجهاز المدني في إدارة الأزمة، فبعثوا منذ البداية فينا الأمل والتفاؤل رغم قساوة الظرف وحداثة التجربة.
اجتمعنا من كل أطياف الدولة، نحمل معنا هموم وأولويات مؤسساتنا، وكل منا يعتقد أنه يمثل أولوية، ولم ندرك في بداية الأزمة أن هنالك أولوية قصوى تتمركز في قلب وعين الخلية؛ تعلو على باقي الأولويات وهي صحة المواطن ومنع انتشار الوباء، وتأمين ما يلزم لإدامة الحياة وليس غير ذلك، فالمصلحة العليا فوق جميع الاعتبارات وكل شئ يأتي بعدها.
تعلمنا في الصعاب بأنه لا يمكن أن ندير ونتدبر جميع الألويات في وقت واحد، لا بل يجب أن نشد الأحزمة ونعمل على الأهم من تلك الألويات، هذا كان الدرس الأول الذي تعلمناه في الأزمة المريرة، فنحن لسنا في ظرف اعتيادي يمكن أن نخفق في أولوية ما أو أن نصحح كما نشاء، كما لا يوجد لدينا ترف الوقت، كل دقيقة تمر محسوبة وكل قرار يجب أن يكون مدروسا.
لنا حكايتنا الجميلة كما هي الحكاية المحزنة أثناء الأزمة، فجميعنا يتذكر ذلك العريس الذي غادر بيته الجديد ليطمئن على زوجته الأولى وأبنائه، ونتيجة للحظر لم يتستطيع أن يعود لبيته الجديد ولزوجتة الجديدة التي تركها وحدها، تلك المحاولات التي بذلها من أجل العودة خلقت جوا من الفكاهة لدى أعضاء الخلية في أصعب الأوقات، فلم يقصّر أحد في تأمين عودته إلى بيته الجديد...
في ظرف مقلق جدا وليس اعتيادي، كان أبطال الأزمة وما زالوا رجالا في زمن الصعاب، طيبون ويملأون المكان بالدفء، فتشعر بالزهو والفخر وأنت بينهم، يعملون دون كلل أو ملل، يغادرون بيوتهم وأطفالهم فلا يعلمون ماذا يجلبون معهم في آخر الليل، أهدايا لأطفالهم أم وباء!!، هم فوق روؤسنا كأكاليل للفرح والسرور، بوركت جهودكم أيها الفتية.
والله فلا ضير على بلد يرعاه الله ويحميه، وفيه قيادة هاشمية مباركة حريصة ومثابرة ، وتردد كلا للوباء وألف كلا للأعداء.
حمى الله الأردن وطنا وشعبا وقيادة .