عندما تفقد الامة ارادتها الجمعية ..
فيصل تايه
20-06-2020 09:02 AM
للمفارقه فقط .. فعندما يهدد الاتحاد الأوروبى الاسبوع الماضي بتطبيق عقوبات على إسرائيل إذا أقدمت على ضم أجزاء من أراضى الضفة الغربية وغور الاردن ، بينما ينعقد مؤتمر وزراء خارجية الدول الإسلامية لبحث نفس الموضوع ، ليختم اعماله باصدار بيان طويل ليس فيه كلمة مؤثرة ، ولو من قبيل التهديد اللفظى الذى أصدرته دول أوروبا ، وتقف الجامعة العربية مكتوفة الايدي تتفرج على قادة الكيان الصهيوني وهم يعلنون خطط الضم وكأن الأمر لا يهمهم .
بتنا ننتظر كلمة سواء بعد أن يئسنا من انتظار موقف بحجم التحدي ، كنا نرجى عبارات الشجب والتنديد والتهديد ، لكن وللاسف اصبحت هذه العبارات بعيدة المنال ، بسبب ما تعانيه امتنا العربية المازومة من الفرقة والتشتت وغياب الإرادة الجماعية التي اصبحت امنيه يتمناها كل عربي شريف .
أن الأمة عندما تسقط فى هوة الضعف وتفقد البوصلة التي تسير من وراءها تصبح ارضها مستباحة ، وقد تقع فريسة للاحتلال ، لكنها إذا كانت تمتلك إرادة جمعية قوية تستطيع استرداد هويتها من جديد ، لتحافظ على أرضها وتستعيد ما اغتصب منها ، فما نحتاجه هو تحرير الإرادة التى تستعيد الأرض ، ومن يمتلك إرادته يصنع المعجزات ، لينتصر الحق دائما فى النهاية عندما يمتلك أهله إرادتهم ، ويوحدوا كلمتهم .
مفاوضات السلام الكاذب ، وخطط إسرئيل تعلن كل يوم لضم المزيد من الأراضى المحتلة دون رادع ، والشعب الفلسطينى مشتت ومنقسم ، والاردن يقف وحيداً في المواجهة والأمة العربية والإسلامية منهكة فى حروب بينية ليس لها نهاية ، وغير قادرة على اتخاذ موقف رادع يوقف مسلسل التدهور الذى ضيع الأرض وضيع قبلها الإرادة التي لن تعود الا بمعجزة .
اليوم نرى نتنياهو وهو يتباهى ويتبجح بقدرته على ضم الأراضى الفلسطينية وغور الاردن ، ويتباهى ايضاً بقدرته أيضا على تطبيع علاقاته مع دول عربية عديدة مستعدة لاستقباله فى العلن ما يساعده على تنفيذ قرارات الضم التى توافق عليها الحزبان الكبيران اللذان شكلا ائتلافا لتولى الحكم مشاركة ما سيتيح لنتنياهو الاستمرار فى السلطة لاستكمال مشاريعه التآمرية .
ما يؤسف له اليوم ان يقف الاردن وحيداً ومعه الشرفاء من امتنا في مواجهة التعنت الاسرائيلي ، ونرى مواقف جلالة الملك الصلبة في مواجهة كل التحديات المصيرية ، ومن المؤسف ايضاً ان يتحدث نتنياهو إلى عواصم عربية فى هذه الظروف البائسة عن تبادل علاقات ومصالح ومنافع دون النظر إلى القضية الفلسطينية التى هى جوهر الصراع ، والتفسير الوحيد لذلك أن سنوات السلام الخادع نجحت فى تغييب إرادات كانت صلبة ، وتغيير قناعات وتوجهات وتحالفات بعض الدول ، وصرنا نسمع كلاما عربيا غريبا ومريبا لم يكن يجرؤعلى مجرد التفكير فيه أحد .
الآن اصبحت الأزمة العربية مزدوجة ، لم يعد ضياع الأرض هو وحده المشكلة ، وإنما ضياع الإرادة الجمعية أيضا ، وضياع ارادتها أو تغييبها أخطر من ضياع ارضها ، لأن الإرادة هى التى تسترد الأرض ، وبالتالى فإن تحرير الإرادة العربية شرط مهم وسابق بالضرورة على الحفاظ على الأرض والعرض .
واخيرا فان الإرادة العربية لا تسبح فى المستحيلات ، وإنما ترتبط بمبادرة السلام الواهية التى أقرتها قمة بيروت عام ٢٠٠٢ ، والتى تتلخص فى " تطبيع العلاقات مع إسرائيل مقابل إعادة الأراضى المحتلة عام ١٩٦٧ وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس " ، ولو توافرت إرادة الالتزام بمقررات تلك المبادرة التاريخية فسوف تعود الأرض وتتغير أوضاعنا المضطربة ، وهذا المستحيل بعينه ؟!
والله المستعان .