متى تعود كلمة يا هلا يا هلا
سارة طالب السهيل
20-06-2020 01:58 AM
تناولت في عدة مقالات سابقة جوانب مختلفة من تأثيرات جائحة كورونا على البشرية تطرقت الى الاثار الصحية والترتيبات اللازمة لمكافحة هذا الفايروس و القضاء عليه و تناولت تارة ابعاد كورونا السياسية و في تارة اخرى تحدثت عن الظروف الاقتصادية اثناء الجائحة وبعدها و تناولت ايضا كورونا و الرومانسية الحالمة و لكن بقي جانب مهم لم اتحدث عنه رغم خطورته اذا ما استمرت الجائحة و امتدت زمنيا لفترة اطول لتسرق من اعمارنا اشياء كثيرة
اهمها الوقت وقيمة العمل و الاداء و لا يقل عنها اهمية الحالة النفسية الناتجة عن الخوف و القلق سواء المحجورين او المرضى او الاصحاء فالجميع يعيش في خوف و قلق ناهيك عن الشعور بالعيب و العار لدى المصاب الذي يذكرنا بالشعور الذي ينتاب مرضى الايدز الذي اشيع انه ينتقل بسبب الافعال المشينة و الممارسات المنحلة و رغم انه سبب لبعض الاصابات الا ان البعض الاخر اصيب بسبب نقل الدم او اي طريقة بريئة اخرى فنجد ان مصابي كورونا يشعرون بذات العار رغم اختلاف اسباب العدوى لهذا الفايروس الذي يتفشى لاقل و ابسط سبب.
ربما تضخيم وسائل الاعلام و المنشورات في وسائل الاتصال الاجتماعي ادت لهذا الشعور السيء لدى المصاب الذي نتج عنه اخفاء الكثير من المصابين للاعراض و انكار المرض خوفا من ردود افعال الاهل و الجيران و المعارف
رغم كل هذه المآسي التي لحقت بالناس من موت احباب واصحاب الا ان الخطر الاكبر هو تأثر الحياة الاجتماعية بعد كورونا بعادات التباعد الذي نبذ التلاحم و التراحم و التزاور و صلة الرحم احيانا و عيادة المريض (بغير كورونا) او بغير الامراض المعدية.
فهل تصبح هذه الحياة الخالية من الاصدقاء و الاقارب و التجمعات العائلية وجلسات السمر في الحدائق مع الجيران هي الدارجة حتى بعد كورونا، وخاصة في حياتنا نحن العرب او الشرق اوسطيين الذي يميزنا هو دفء المشاعر و صلة الارحام و العلاقات المتلاحمة والمترابطة بين افراد المجتمع من اهل و عشيرة و جيران و احباب،ماذا عن الحب و الاحباب و لو تجنبنا المتزوجين لانهم في بيت واحد ماذا عن المخطوبين فبحكم دراستي لعلم النفس و الارشاد الاسري و العلاقات الاسرية اجد ان هذه الجائحة تشكل خطر كبير على هذه العلاقات كافة، بما فيها تاثيرها على روابط الازواج والمخطوبين الذي يمنعهم كورونا من التواصل و يفرض عليهم التباعد و قد تحدثنا كباحثين عن نسب الطلاق المتزايدة في العالم العربي و التي تبلغ على سبيل المثال في الاردن نسبة ٧٠٪ الى ٧٦٪ حيث كانت 85% نسبة الطلاق في الفئة (20-40) عاما.. والمتعلمات 588% إلى الأميات، بواقع 60 حالة طلاق تقع يوميا في الأردن، اما في الكويت 62.7% نسبة حالات الطلاق من إجمالي حالات الزواج، اما في مصر حالة طلاق واحدة كل 4 دقائق 40% من حالات الزواج تنتهي في غضون 5 سنوات، اما في السعودية هناك 7 حالات طلاق كل ساعة، اما في العراق ف 10 حالات طلاق كل ساعة حيث وقعت أكثر من ثماني حالات طلاق في البلاد بكل ساعة خلال العام الماضي بـ 79 ألف و569 حالة.
فكيف ستؤثر جائحة كورونا في نسب الطلاق خاصة بين المحجورين من الازواج معا رغم عدم التفاهم و التلاقي ؟
وبما ان الجميع مهتم بالازواج و لا احد ينظر لحال المخطوبين او العاقدين قبل اتمام مراسم انتقال العيش في بيت واحد فهل نتصور كم عقد او دبلة خطوبة سوف تنزع من ايدي المحبين بعد هذا الحصار النفسي و الاجتماعي الذي حرمهم من اللقاءات بغرض التفاهم و التقارب وسط الاجواء الاسرية بما شرع الله من لقاء لهم او التحضيرات للزواج من مستلزمات البيت والمفروشات وخلافها او حتى من الناحية الاقتصادية فالكثير من الشباب المقبل على الزواج يعيش قوت يوم بيوم من العمل اليومي او حتى الوظائف التي تأثرت بخصم الرواتب الى النصف فكيف سيتمكن من اكمال مصروفات الزواج.
و ان عدنا الى تضرر العلاقات الاسرية بين الاخوان و الاخوات و الابناء مع اهاليهم الذين يعيشون في بيوت منفصلة او مناطق اخرى، يشتاقون لبعضهم البعض و يتوقون لاستعادة الايام التي مضت من جلسات سمر و حب و موائد الطعام الشهي من ايدي المحبين.
ازاح الله عن الامة هذه الغمة و اعاد المياه الى مجاريها بين الاسر و الاحباب و الأصدقاء، وحتى نعود لهذه الحياة التي عرفنا قيمتها حين فقدناها اتمنى من الجميع الالتزام و تحمل هذا البعد حتى تنتهي الجائحة على خير الا ان هذا المقال للفت النظر حتى لا تصبح هذه الاحتياطيات الوقائية عادة و نعتاد البعد و الجفاء و نكتفي بالهواتف المحمولة و اللقاءات السريعة و الرسائل القصيرة و نتوحد مع انفسنا بعدما كنا متفتحين بقلوبنا المرحبة و ايدينا المصافحة و السنتنا المهللة المرددة يا هلا يا هلا.