ألمانيا بداية حكاية ونهاية مأساة
محمد فهد الشوابكة
18-06-2020 01:50 PM
أردت أن أغتنم فرصة وجودي في ألمانيا، وأقدم شيئا مفيدا أثناء جائحة كورونا، التي حالت بيني وبين وطني الأردن ومنعتني من العودة خلال هذه الفترة.
فقمت على مدار ثلاثة أشهر تقريبا بدراسة أحوال اللاجئين والمغتربين في ألمانيا، وقررت بعد التوكل على الله عمل بحثين:
البحث الأول بعنوان : المغتربون ما بين الانتماء وضياع الهوية،
والثاني بعنوان ... اللاجئون ما بين التعايش والاندماج.
وسيركز هذا البحث على محورين رئيسيين هما تعلم اللغة الذي يعتبر المدخل الرئيسي للحياة الجديدة التي تختلف اختلافا كاملا عن الحياة السابقة، لا سيما أن تعلم اللغة بالنسبة للدولة المستضيفة للآجئين يعني وجود رغبة قوية لدى اللاجيء للتعايش والانطلاق إلى المحور الثاني وهو التأهّل لسوق العمل والاندماج.
وبذلك يتحول اللاجيء بعد مراحل الإعداد والتأهيل الشامل لعنصر فعال في سوق العمل، ومساهم في عملية التنمية المستدامة في ضوء الطلب المتزايد على العمالة المؤهلة في كافة المجالات.
بدأت الفكرة لدي حينما قال لي أخي وصديقي فيصل سليمان أبو مزيد مقولة قبل نحو شهرين عندما وجدني غاضباً بسبب عدم تمكني من العودة إلى الاردن بسبب توقف الطيران الذي نتج عن أزمة كورونا " إذا هبّت رياحك فاغتنمها ... وعليك يا أخي أن تشغل نفسك بشيء مفيد والاستمتاع ".
وأقول له لقد سمعت نصيحتك ومنذ ذلك الوقت وأنا أدون المذكرات عما أشاهد وأسمع.
ولم يقتصر الأمر إلى هذا الحد؛ بل ذهبت برحلة استمرت قرابة الشهر التقيت خلالها بمغتربين ولاجئين من كافة الجنسيات لأستمع إلى قصص وحكايات مؤلمة، كل قصة منها تحتاج منا إلى وقفة تأمل، بل ذهب الأمر بي إلى أكثر من ذلك، لأرى الجحود والنكران الذي يصل إلى الحقد على الأوطان من قبل البعض !!
حكايات ورويات رافقني خلال الشهر، فيها صديقي من سوريا الحاصل على ماجستير في اللغة الانجليزية من جامعة روستوك، والذي يعمل متطوع مع المؤسسات الألمانية التي تعنى بشؤون اللاجئين والصليب الاحمر، ونظرا لانسانيته وشعوره بإخوانه اللاجئين نظرا للاحتكاك المباشر بهم من خلال عمله كمتطوع ،أصبح ينشده اللاجئين طالبي منه مساعدتهم ومرافقتهم لانهاء الأعمال التي تحتاج إلى مترجم بدون مقابل.
من هنا أصبح لديه رصيد معرفي كبير عن أحوالهم، مما منحه دراية كاملة بالقوانين والأنظمة المتعلقة باللاجئين في ألمانيا.
لم يبخل صديقي بلال عليّ بالمعلومات، لكي أتمكن من إعداد هذا البحث بشفافية وأمانة.
سيتطرق البحث الذي أعده إلى الدور الكبير الذي تقوم به ألمانيا نحو اللاجئين والمغتربين، منذ اللحظة الأولى إلى أن يصبح الشخص عنصراً منتجا في المجتمع الألماني.
في هذا البحث - الذي أوشكت على الانتهاء من مراحله الأولية والمتعلق بجمع المعلومات - ارتسمت لديّ بعض الانطباعات عن القادمين إلى ألمانيا، سواء أكانوا قد قدموا مؤخرا للجوء أو ممن سبقهم وقدموا للعمل أو للدراسة أو مغتربين وأصبحوا مع الوقت مواطنين في ألمانيا أو لديهم إقامات دائمة.
لكي لا أبكّر عليكم بمتعة القادم؛ سأوافيكم ببعض هذه المقتطفات بين الفينة والأخرى، وأرجو ممن لديهم أيّ معلومات أن يزودني بها لكي أثري بحثي وأتمكن من نقل صورة أكثر وضوحاً للقراء ...