منذ انتشار وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة وهناك معركة بين الوعي الوطني الحقيقي للشعوب وبين التضليل الذي يمارسه البعض من خلال الفيسبوك وتويتر والواتساب وغيرها من وسائط حديثة حيث تنهال علينا كميات هائلة من الأخبار المغلوطة والإشاعات التي للاسف تجد من يصدقها من الناس، ليس فقط البسطاء، بل حتى المتعلمين الذين يعتقدون ان هذه الاخبار الملفقة والاشاعات هي حقائق تخفيها الاجهزة الرسمية في دول العالم. يضاف الى ذلك تيارات هائلة تمتد من اميركا الى كل العالم تؤمن بنظرية المؤامرة وتعتقد ان كل اجراء هو مؤامرة ضد البشرية بما في ذلك النظريات التي انطلقت عن مرض فيروس كورونا. فمنذ بداية انتشاره وحتى الآن هناك من يعتقد ان ما يجري مؤامرة من منظمة الصحة العالمية وبعض الدول الكبرى للتخلص من اعداد كبيرة من البشرية ضمن سياق يؤمن بأن وراء هذا الامر خطة للسيطرة الاقتصادية والبشرية على العالم.
المشكلة ان كثيرا من حكومات العالم، ومنها حكوماتنا العربية،لا تبادر الى نشر المعلومة الصحيحة في وقتها مما يترك الامر للإشاعات تنهش في عقول الناس والطريف في الامر انه حتى وسائل الاعلام المتعددة تؤمن بالخبر الاول وتصدقه وان جاء نفي له او تصحيح فلا احد يصدق ذلك حتى لو «حلفت» الحكومات ووسائل الاعلام الرسمية مئة يمين على ذلك.
منذ بداية ازمة انتشار مرض كورونا في العالم انطلاقا من بؤرة تفشيه في الصين والى الآن والكثير من المعلومات التي تنشرها وسائل اعلام والسوشال ميديا مغلوطة وغير حقيقية وخادعة للناس البسطاء ابتداء من نظرية ان الليمون والخل والثوم والسماق! يشفي من مرض كورونا وانتهاء باخبار نسبت الى منظمة الصحة العالمية أن الكمامات لا تفيد، وأن الشخص المصاب إذا لم تظهر عليه الأعراض بما فيها ارتفاع الحرارة فهو غير معد وهو الأمر الذي نفته منظمة الصحة العالمية وخرج اطباء مشهورون ووزراء صحة ثقاة يدحضون هذه الادعاءات، ولكن المعلومة ما ان انتشرت حتى تصدرت وسائل السوشال ميديا.
لقد قامت حكومات غربية وعربية بإنشاء منصات للرد على الإشاعات ومنصات للتحقق من صحة الأخبار المنشورة على وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي حتى ان كثيرا من المثقفين والمؤمنين بالحقيقة يجدون انفسهم في صراع يومي وسط الكم الهائل من هذه الاخبار وهم يردون عليها عبر الواتساب او غيره ليبينوا الحقيقة للناس ومع ذلك تجد مثقفا أو متعلما يناقشك في جلسات خاصة بأن هذه المعلومات صحيحة.ومع ذلك فمنصات «حقك تعرف» ومحاربة الإشاعات حققت نجاحا ملحوظا مع الوقت وأعطت مصداقية فعالة بين جمهور المتلقين.
للأسف فإن معركتنا الدائرة، اليوم، هي بين الوعي الوطني الحقيقي وبين التضليل الذي يمارس على المواطنين في كل دول العالم وهي معركة لا بد من حشد الطاقات العلمية لها للانتصار عليها.وأنا على ثقة أن الانتصار النهائي هو للوعي العام مقابل التشويش الذي يمارس يوميا وأنها معركة ثقافية علمية في الابتداء وحتى النهاية.
awsnasam@yahoo.com
الرأي