هل نحن كدولة مهيئين للانتخابات
د. عدنان سعد الزعبي
17-06-2020 10:02 PM
قبل الحديث عن استعداد الهيئة المستقلة للانتخابات ، لعلنا نتساءل هل الاردن جاهز لاجراء الانتخابت ، وهل الواقع السياسي المحلي والاقليمي مهيء لهذا , وهل المواطن نفسه مهيء ايضا لاختيار الافضل وتقديم من هو اصلح للوطن في مثل هذه الظروف الاقتصادية القاسية ؟، وهل الموازنة الاردنية وهي تنظر لتبرعات الناس لصندوق همة وطن وتناشد الاغنياء التبرع مستعد لدفع ما يزيد عن 20مليون دينار ككلفة متوقعة للانتخابات اذا اجريت ؟
ولعلنا نتساءل ايضا هل الانتخابات البرلمانية هي جزء من الترف السياسي ، او حالة تكملية لصورة الاردن الديمقراطية الخارجية ، ما دمنا لم نطور من هذه التجربة ولم نحقق اهدافا سياسية حقيقية في مسيرة دولة القانون ومنهجية الدولة المدنية ، فنحن ما زلنا نكرر صورة ودور مجلس النواب منذ انتخابات المجلس الثاني عشر حتى الان ،(على اعتبار ان المجلس الحادي عشر كان تجربة فريدة ) ما زلنا نعيد ونكرر الانتخابات بمخرجاتها المتكررة , ونمطها الثابت بعيدا عن هدف البرلمان الحقيقي الممثل الفعلي للشعب ، بحيث يكون البرلمان المطبخ الحقيقي الذي يصنع السياسة الاردنية ويشارك السلطات التنفيذية والقضائية في تشكل النظام السياسي الاردني وفق احكام الدستور . ما زالت البرلمانات الاردنية تخوض وسط دائرة مغلقة تتقاذفها اجراءات حرصت ان تكون هذه الدائرة هي النتيجة الحتمية لاي عملية انتخابية , وهذا بدوره لن يغير ولن يطور من حاضر ومستقبل الوطن الا بالحدود الدنيا ، لاننا ساهمنا بتعطيل دور واحدة من السلطات المهمة في النظام السياسي ، خاصة واننا الان بامس الحاجة لبرلمان يتماشى بمخرجاته مع التحدي السياسي المفروض علينا اقليميا ودوليا . ونحن كذلك بامس الحاجة لبرلمان يوجه ابناء الوطن للولوج لمواجهة التحدي الاقصادي الذي فرضه الواقع السياسية واستحقاقات جائحة كرونا محليا واقليميا , ونحن بحاجة لمجلس نواب يخفف الحمل الثقيل عن كاهل الملك وعن الحكومة التي وجدت نفسها في ازمة كورونا امام تحد كاد ان يكون اكبر منها , او احتاج منها لجهود جبارة فاق قدرة الكثير من اعضائها .
البرلمان هو نقطة الارتكاز الحقيقي في اي نظام سياسي وليس الحكومة , على اعتبار انه ممثل للشعب , وان الشعب مصدر السلطات . ومسيرة الحكومة يجب ان تتحدد بمسيرة البرلمان وفق تشاركية تكاملية وعندها لن نجد خلافا بنيوي في مسيرة الدولة الاردنية , ولا مصالح تنفذ وغايات تتم لاشخاص على حساب آخرين . وسنجدان كلمة فساد ستبدأ بالزوال من قاموس الاردنين الذي تعبوا بالحديث عنها . فثقة الناس بالحكومة هي صورة عن الثقة بالبرلمان وبالعكس وان تعزيزها في نفوس الناس سيؤدي الى فعالية اي اجراء ونجاعة اي فعل تقوم به الحكومة .
كل ما نحتاجه ان يراعي قانون الانتخاب نوعية المرشح الذي سيختاره الناس ، بغض النظر عن من سيخرج بسبب المال السياسي الذي يسيطر على اجواء الانتخابات الماضية وفي العديد العديد من البرلمانات السابقة . فنحن نعلم بساطة الناس وفقر الكثير الذين يجدون من الانتخابات فرصة لتحسين اوضاعهم مؤقتا . ومع ذلك فالكرامة عند غالبية المواطنين من يرفضون هذه الفكرة ويفضلون الافضل والانسب لهم , لكن المشكلة التي تعشعش في عقول البسطاء وهم الغالبية , هي انطباع التكرار ,ووصول الاشخاص انفسهم وباي صورة كانت , وعندها يتساوى لديه الاختيار وحسن الاختيار .
نتمنى على معهد الانتخابات الجديد ان يقود حملات توعية كبيرة منذ بداية الانتخابات وحتى الانتخابات التي تليها وعل مراحل تتناول رفع سوية المواطنين في حسن الاختيار واهمية ذلك للوطن والمواطن , ومرحلة لصناع القرار في اهمية صنع القوانين التي تعزز الاختيار الامثل للمواطن وتتيح له المجال في صنع مستقبل الوطن بشكله السليم . فمعهد الانتخابات غني بالدراسات التحليلية لاجراءات الانتخابات والنتائج ومقارناتها ، والاطلاع على التجارب العالمية ومواءمتها .
ينتظرنا الشيء الكثير وعلينا ان نحدد اولا ماذا نريد ومن ثم التفكير بالاجراء الذي يرتقي بالدولة الاردنية .