أصداف السلاحف البحرية غابة من الكائنات الحية
16-06-2020 05:23 PM
عمون - تزخر الحياة البحرية بتنوعات وافرة من المخلوقات، ليس في جوفها فحسب بل تمتد وفرتها لكي ترينا عالما من الحياة على ظهر السلاحف البحرية ضخمة الرأس.
ففي تنوع لم يشهده العلماء من قبل، لاحظ فريق دولي من الباحثين بجامعة ولاية فلوريدا الأميركية وجود عدد من المخلوقات التي تعيش على أصداف سلاحف البحر، والتي قدر عددها بضعف ما كان معروفا من قبل.
نشرت الدراسة بدورية "دايفرستي" في 20 من مايو/أيار الماضي، وهي تطرح أسئلة هامة تتعلق بهذه السلاحف البحرية وكيفية المحافظة عليها.
مسكن الكائنات الدقيقة
يرى جيروين إنجيلز -الباحث في جامعة ولاية فلوريدا وقائد هذه الدراسة- فيما نقله موقع "يوريك أليرت" أن وجود هذه السلاحف يعتبر بمثابة "نقاط مركزية مهمه لوفرة وتنوع الكائنات البحرية".
ويضيف "لا شك أن هذه الكائنات البحرية الكبيرة تملك القدرة على تكوين بنايات هيكلية توفر المسكن للمخلوقات الدقيقة. ومن ثم تسمح بوفرتها وتنوعها الكبير".
ودرس العلماء التنوع الملاحظ على ظهور السلاحف، وذلك بأخذ عينات من الكائنات الحية الدقيقة الموجودة عليها، والتي تتراوح أحجامها ما بين واحد و0.032 ملم.
وركز العلماء جهودهم على نوع خاص من كائنات القاع البحرية والمعروفة بالديدان الخيطية. إذ لم تهتم الأبحاث السابقة بهذا النوع من المخلوقات الصغيرة عند القيام بفحص الكائنات الدقيقة التي تعيش على ظهور السلاحف البحرية ضخمة الرأس.
وقال إنجليز "لم يكن غريبا وجود مثل هذه الديدان الخيطية على أصداف السلاحف، بيد أنه عندما قورنت أعدادها وتنوعها بما نلاحظه على أية أصداف صلبة أخرى -أو حتى بما تحتويه الحياة النباتية البحرية- وجدنا أن أصداف سلاحف البحر تعج بتنوع كبير من الكائنات الدقيقة، والذي لم يوثق بشكل كهذا من قبل".
تنوع كبير
فحص العلماء الجزء الأمامي والأوسط والخلفي لأصداف سلاحف البحر لمعرفة تباين الكائنات الدقيقة الموجودة على ظهورها، ومن ثم قاموا بتحليل عينات هذه الكائنات التي جمعت من أصداف 24 سلحفاة بحرية كانت مهاجرة إلى جزيرة سانت جورج بفلوريدا لوضع البيض.
وعثر العلماء على الآلاف من الكائنات الحية. إذ سجلت إحدى هذه السلاحف وجود أكثر من 146 ألف كائن فردي يعيش على ظهرها، كما وجدوا أن الجزء الخلفي من أصداف هذه السلاحف -القريب من الزعانف الخلفية- احتوى على مجتمعات مختلفة من هذه الكائنات الدقيقة ذات تنوع عال.
وكانت الدراسات السابقة قد أظهرت أن أصداف السلاحف ضخمة الرأس تحتوي على أقل من مئة نوع من الكائنات الدقيقة التي تعيش عليها.
وبتضمين الديدان الخيطية التي وجدت على ظهر هذه السلاحف، أضاف العلماء 111 نوعا جديدا منها لقائمة الكائنات الحية الدقيقة التي تعيش على الجزء الخلفي من أصداف السلاحف ضخمة الرأس.
وبالطبع، يقتصر هذا العدد الهائل على الديدان الخيطية -محل الدراسة- إذ لا يشمل أي أنواع لكائنات القاع الأخرى والتي قد تجعل هذا العدد أكبر بكثير.
إضافة لذلك، وجد الباحثون أن السلاحف الفردية تؤوي مجتمعات مختلفة -بشكل كبير- من كائنات القاع الدقيقة التي تعيش على أصدافها. وهو ما دفع إنجيلز للتساؤل "هل استعمرت هذه الكائنات الحية الدقيقة ظهور السلاحف في أماكن مختلفة؟".
تتبع هجرة السلاحف
يمكن لعشرات الآلاف من الكائنات الدقيقة استعمار السلاحف ضخمة الرأس التي تزور السواحل والشواطئ النائية أثناء هجرتها، ويضيف إنجيلز "إنه لأمر مثير للدهشة، إذ يمكننا معرفة الأماكن التي زارتها هذه السلاحف استنادا إلى مجتمعات الكائنات الدقيقة التي تعيش على ظهورها".
وقال أيضا "لذا من المنطقي جدا أن تكون هناك صلة بين المواقع التي ترتادها السلاحف والأماكن التي توجد بها نفس تلك الكائنات الدقيقة. ومن ثم يمكننا الحفاظ على هذه الزواحف".
كما تقول ماريانا فوينتس المؤلف المشارك بالدراسة "قد تساعدنا هذه الدراسة على تقصي انتقال أنواع الكائنات الدقيقة لمسافات تبعد آلاف الأميال حول العالم. ذلك لأنها قادرة على السفر والانتشار إلى نطاق واسع حول العالم مستقلة ظهور السلاحف البحرية".
وتختم الباحثة بأن هذه الدراسة "توفر لنا معلومات مهمة لتنظيم حياة هذه السلاحف والمحافظة عليها، ومجابهة أي تحد قد تتعرض له هذه الأنواع البحرية".