وادي عربة .. ورقة الضم الأقوى
محمد مصطفى العضايلة
16-06-2020 12:41 PM
لم يدخر رئيس الحكومة الإسرائيلية "بنيامين نتنياهو" جهداً بين الحين والأخر إلا ويعود ويمارس خططه للبقاء في السلطة لأعوام قادمة، حتى لو تطلب منه ذلك ضرب إتفاقيات السلام التي وقعتها الحكومات الإسرائيلية مع دول الجوار عرض الحائط بدعم من صهر الرئيس الأمريكي "كوشنر" والرئيس الأمريكي "ترامب"، والذي مُرّر معه قراري الإعتراف بالقدس عاصمة لدولة اسرائيل وضم الجولان العام الماضي.
المخططات الإسرائيلية لضم مساحة أكبر من الأراضي الفلسطينية ضمن برنامجها الإستيطاني التوسعي؛ سيشكل نقطة تصادم مع الأردن الجار الذي احترم اتفاقية السلام الموقعة بين البلدين عبر سنوات، وباتت هذه المخططات تشكل تهديداً مباشراً له مما دفع جلالة الملك عبدالله الثاني إلى التصريح وبشكل واضح عن رفضه التام لهذه السياسة التوسعية، خطوات بات على الأردن اتخاذها في ظل هذا الخطر الذي يهدد سيادته وتركيبته الاجتماعية والديموغرافية، بالإضافة لدوره الديني في القدس الشريف وما يشكله قرار الضم من تهديدا حقيقيا للأمن القومي الأردني، وكما قال جلالة الملك في لقاء مع مجلة ألمانية "لا أريد أن أطلق التهديدات أو أن أهيئ جواً للخلاف والمشاحنات، ولكننا ندرس جميع الخيارات. ونحن نتفق مع بلدان كثيرة في أوروبا والمجتمع الدولي على أن قانون القوة لا يجب أن يطبّق في الشرق الأوسط" وهنا كان واضحاً أن جلالة الملك لوح بورقة اتفاقية السلام إما بالتجميد أو الإلغاء . لا بل وكان الموقف واضح التأزم عندما أكدت جهات عدة رفض جلالة الملك للحديث مع نتنياهو هاتفياً ملوحين أن هذا الأمر يأتي في ظل الأزمة التي تعصف بالعلاقات الأردنية الإسرائيلية بسبب خطة الضم أحادي الجانب، وتأكيداً واضحاً لرفض الأردن لأي خرق للقوانين الدولية واحتلال أراضي فلسطينية جديدة.
في الحقيقة فإن خيار إلغاء اتفاقية وادي عربة وجميع الإلتزامات الأمنية والعسكرية والاقتصادية وما ترتب من إتفاقيات تجارية بين البلدين هي الخطوة المثلى في حال ما ضمت اسرائيل الأغوار والمستوطنات والقدس (كلياً أو جزئياً) فعملية الضم بمثابة إعلان حرب على الاردن وتهديداً لأمنها ويأتي ذلك بالتزامن مع رفع دعوى قضائية كورقة ثانية للضغط لدى محكمة العدل الدولية .
فالأردن يمتلك أوراق قوة دولية وإقليمية ، فمع ورقة (وادي عربة) وما تشكله عملية الضم من إختراق صارخ للإتفاقية بإعتبار قرار الضم هو قرار احادي يؤثر سلباً على المصالح الاردنية وينهي مشروع قيام الدولة الفلسطينية ويترتب عليه تدمير للسلطة الفلسطنية ونهاية للحل التفاوضي ، وقضاء على أي إحتمالية للسلام والذي يعارض ويخالف كل الإتفاقيات والمساعي الدولية ، يبقى السؤال المطروح هنا ، هل يستطيع الأردن الوقوف منفرداً في مواجهة القرارات الإسرائيلية والمدعومة اميركياً في ظل التفكك العربي ، وهل يستطيع العمل منفرداً خارج المنظومة العربية .