منذ العام 1989 وحتى اليوم لم يشهد الأردن ظروفا إقليمية ودولية ومحلية ضاغطة تطلبت رجال دولة أقوياء أكفياء سياسيا إقتصاديا وإجتماعيا حول المملكة والملك كما هي الظروف اليوم.
لا ننتقص من شأن أحد من رجالات اللحظة الراهنة لا سمح الله, ونظلم حظنا إن نحن قللنا من جهودهم خاصة في ظل الجائحة اللعينة التي تجتاح العالم, لكننا نجتهد ويذهب إجتهادنا إلى ما هو أبعد وأخطر من ذلك بكثير.
وهنا لا بد ومن منطلق حبنا لبلدنا وحرصنا الشديد على صموده في مواجهة ما يحاك من مخططات ومؤامرات وتطلعات إقليمية ودولية ترتبط بقضية فلسطين العربية والإسلامية ولا نقول القضية الفلسطينية وحسب , في ظل أوضاع عربية عنوانها الشتات والضعف جراء جحيم يسمى ربيعا , من أن نعبر عن قناعتنا بأن المملكة باتت اليوم , بحاجة ملحة لرجالات دولة يشيلون الحمل مع الملك ليس في الحكومة تحديدا وإنما في سائر الدولة.
يقول إجتهادنا أن الأردن سيواجه وفي المنظور القريب جدا تحديات كبرى لا بد وأن يتصدى لها بإجماع شعبي وطني موحد وقوي لتخطيها بأمان وسلام كما هو شأنه تاريخيا معتمدا على الله أولا , ثم على جهده الوطني الذاتي ثانيا بموقف شعبي وطني موحد لا يستثني ولا يهمش أحدا من مكونات هذا الشعب الوفي.
ليس بالفتح أو الإكتشاف الجديد مثلا القول بأن واقعنا الإقتصادي والإجتماعي في ظل وبعد " كورونا " وحتى قبلها , واقع صعب عندما يتساوى حجم ناتجنا القومي مع حجم مديونتنا , وعندما نجد أنفسنا مضطرين لمرحلة تقشف صعبة طويلة الأمد ستترك آثارا كبرى على كواهل شعبنا ودولتنا وقدراتنا.
وليس بالفتح الجديد كذلك القول بأن واقعنا السياسي إقليميا ودوليا هو الآخر واقع معقد عندما تشتد من حولنا الأزمات المستفحلة والمطامع الصهيونية وغيرها, وعلى نحو لا يمكننا إنكار قسوته عندما نرى قوى عالمية وإقليمية تتصارع في رحاب عالمنا العربي وقريبا منا, وكل منها يبحث عن حصة ونصيب من " الكعكة " العربية التي تبدو كما لو كانت فريسة متاحة لمن سبق !!.
لا أرغب في سرد واقع عربي وإقليمي ودولي راهن يدركه كل مراقب , وإنما أرغب وإجتهادا فقط ,في القول بأن المملكة الأردنية الهاشمية باتت اليوم وقبل الغد , بحاجة إلى رجالات دولة يحظون بقبول واسع من لدن شعبنا يتولون زمام الأمور في إجتراح حلول عملية لما يواجه شعبنا من مشكلات محلية , وما يتوجس ويتخوف من تحديات خارجية يراها ماثلة رأي العين , ولا يملك معلومة واضحة حول سبل تخطيها.
زرت في حياتي العملية أكثر من خمسين بلدا في شتى أرجاء المعمورة وقرأت عن دول وشعوب غيرها الكثير , ويعلم الله خالق الكون ومسير أموره أنني لم أعرف شعبا أكثر وفاء وحرصا على بلده ونظامه السياسي ودولته كما هو الشعب الأردني تحديدا وبكل فئاته بلا إستثناء , والتاريخ الماضي والحاضر خير شاهد يصدق هذا القول.
وعليه , فإن كل الشواهد والملاحظات تقول اليوم , أن هذا الشعب الوفي الصابر , يتطلع لرجالات دولة أقوياء أوفياء جسورين مخلصين للوطن وللعرش الهاشمي بأدائهم العملي الذي يجمع شمل الشعب حول وطنه وقيادته ويقوي عود الوطن في وجه العاديات والمخاطر والمفاجأت .
قبل أن أنصرف , نحتاج اليوم وبقوة , إلى تشكيلة وطنية قوية ومؤثرة مجتمعيا في الحكومة والنواب والأعيان وسائر مراكز الدولة القيادية , تشكيلة تمثل سائر الوطن ويعرف شعبنا شخوصها بشخوصهم أو بأسمائهم ويتوسم فيهم الخير إذ يشيلون الحمل والأمانة على ثقلها مع " الملك " رأس الدولة وقائد الوطن .
مثل هؤلاء الرجال قادرون بعون الله , على الخروج بالوطن سالما قويا من بين الزحام والغمام , وسيجدون من شعبنا الواحد وبكل تلاوينه العشائرية والعائلية والحزبية والنقابية وفي كل المدن والبلدات والمخيمات والقرى , كل الدعم والتفاعل والإنسجام مهما صعبت ظروف العيش .
أما كيف ذلك ! , فالقرار لصاحب القرار أعانه الله , خاصة وأننا لم نعد نملك ترف إنتظار نهاية الجائحة التي تجتاح العالم كله وبقوة , فيما قدر الله لنا تسخير جهودنا جميعا رسميين ومدنيين للحد من تفشيها في بلدنا لا سمح الله . وهو جل في علاه من وراء قصدي .
ملحوظة : كتبت هذا المقال قبل يومين وترددت في نشره خاصة وأننا وللأسف في زمن تكثر فيه التأويلات والإتهامات الظالمة , إلا أن لقاء رئيس مجلس الأعيان دولة فيصل الفايز برموز عشائرية من العاصمة اليوم شجعني على نشره , غير ملتفت إلى أية تأويلات سطحية لا تجيد سوى فن التلاوم والإتهام وحب القعود .