قدر الأردن أن يوجد في محيط ملتهب متغير بما لذلك من تأثيرات سياسيه و اقتصاديه و اجتماعيه و تحديات في الموازنة الدقيقة على الصعيدين الخارجي و الداخلي. ففي الأولى يوازن الأردن بين الحفاظ على أمنه و سيادته من جهة و بين التزامه العربي الإسلامي الإنساني بأن يكون واحة أمان و استقرار للملهوفين أما داخليا فالموازنة أصعب بين شح الموارد و الطموح لمجتمع الرفاه و الأمان المعيشي. برغم ذلك فان الأردن عبر مراحل صعبه و حقق الكثير بل أكثر مما حققته دول أفضل موارد و إمكانيات. ما سأقدمه رؤيتي على أساس علمي للأسباب التي حافظت على امن و استقرار الأردن أملا أن تكون مرجعيه لجيل الشباب المستهدف من جماعات و أحزاب تهوى اللعب على العواطف لأهداف خبيثة خصوصا في وقت الأزمات. و اسرد هنا محور قوة الأردن يليها الأخطار الداخلية:
أتصور الأردن بناء قائم على خمسة أعمده: أما عمود الأساس (كما نسميه بالعامية واسط البيت) فهو القيادة الهاشمية و رأسها جلالة الملك عبدا لله الثاني حفظه الله و رعاه و الاعمده الاربعه المحيطة هي مؤسسة الجيش و المؤسسة الامنيه و الشعب الأردني و اما رابعها فهو الثقة بين المواطن و المؤسسات. ما اقصده بالشعب الأردني فهو عابر للطبقات و الأصول و المنابت و أما الثقة فهي بين المواطن الأردني و المؤسسات و ليس المسؤولين او الافراد على أهميتها فالمسؤول قد يخطئ و قد يصيب و قد تكون هنالك تصرفات فرديه لا يجب و لا يجوز أن تنعكس على المؤسسة التي هي باقية و أما المسئول و الفرد فمتغير. فانا أتصور الأردن بجناحين القيادة الهاشمية و الشعب الأردني فان ضعف أي من الجناحين لا سمح الله سيؤدي إلى دخول الأردن في الأتون الذي دخلته دول مجاوره. لذلك كان موقفي من دعاة الملكية الدستورية بان أي دعوة لتخفيض صلاحيات الملك هي هدم لأساس البيت الأردني و مهما تم تغليفها بشعارات براقة فهي تهدف إلى هدم الأردن كدوله و يجب الحذر الحذر من دعاتها.
اما الاخطار الداخليه على الاردن في رايي ثلاث: الإخوان و اليسار و الانتهازيين و سأفصل في ذلك. أما الإخوان فان أدبياتها قائمة على رفض الدولة القطرية مما يعني رفض المؤسسات و القيادة و بنية ألدوله ككل بل رفض الهوية العربية أيضا و السعي وراء وهم الخلافة التي تعني بالضرورة الولاء لمرجعيات خارجية. إذا أضفنا لذلك رفض الآخر و الذي هو في جوهر ممارسات الإخوان فان الهدف لهذه الجماعة لا يتعدى الوصول للسلطة حتى لو أظهرت غير ذلك في فترات ضعفها. و هنا لا بد من التعريج على تجربة الإخوان في دول أخرى فبعد الوصول للسلطة لم يكن هنالك ما تقدمه هذه الجماعة فكريا أو تنمويا أو سياسيا. فالحكم و السلطة مختلفة تماما عن مسار التلاعب بالعواطف و الاستكانة لدعوى المظلومية و الانغلاق على فكر معين. لذلك أجد أن هذه الجماعة تشكل خطرا داخليا حتى لو أظهرت غير ذلك فهدفها الذي يتماشى مع أدبياتها هو السلطة و الانقلاب على الديمقراطية و المؤسسات و تسليم زمام البلد لقوى خارجية تبحث عن مصالحها من خلال التلفع بغطاء الدين.
أما الخطر الثاني فهو اليسار العربي في غالبيته و الذي ناصب العداء دوما للأردن و عمقه الخليجي خصوصا السعودية و الإمارات و كان دوما مع الآخر سواء كان الآخر عربيا أم غير عربي فهدفه الوحيد و عدوه الأوحد هو الدول العربية المستقرة و خصوصا الأردن و السعودية و الإمارات. لذلك نجد اليسار العربي مره في صف أنظمة عربيه لم تقدم سوى الشعارات الجوفاء خصوصا في فترة صعودها في الستينيات و أورثت بلادها القمع و الدموية و غياب التنمية ناهيك عن الهزائم التي تسببت فيها للأمة العربية. لذلك فاليسار العربي لا أمل فيه و سيتبع كل من يعادي الأردن و عمقه الخليجي فنجاح التنمية و الاستقرار في هذه الدول هي دليل حي على فشله.
أما الخطر الثالث فهم الانتهازيون الذين يتسللوا للمناصب بطرق ملتوية دون وجود إمكانيات حقيقية عندهم و دون وجود انتماء للبلد و ولاء لقيادته الهاشمية ثم يحاولوا التغطي بعباءة القيادة لتبرير فسادهم و فشلهم الإداري و بأسلوب خبيث يعطوا الانطباع بان ما عملوه هو رغبة عليا و هي منهم براء. هؤلاء لا يقلوا خطرا عن الإخوان و اليسار لأنهم يعطلون التنمية و الانجازات فيعطوا أرضيه لهؤلاء للتلاعب على وتر العواطف و كأن الأردن يملك ثروات لامحدوده يمنعها عن شعبه.
في الخلاصة فإن هذا رأيي كمواطن أردني محب لوطنه موالي لقيادته مقتنعا أن الأردن ليس لنا فقط بل للأجيال القادمة. نعم هنالك شئ من الفساد و شئ من سوء الاداره كما في كل دول العالم بما فيها الدول الغربية لكن إصلاحه يكون بالحوار و خطوة خطوه فالهدف هو إصلاح لتقوية الأردن داخليا و خارجيا و تنميته و أما أي دعوة للإصلاح بهدم أسس البيت الخمس او إضعافها أو فصل الأردن عن عمقه الخليجي خصوصا السعودية و الإمارات فهذه ليست دعوة إصلاح بل دعوة هدم إن اطعناها نكون رضينا بأن تكون الأردنيات لاجئات في دول أخرى و إن رفضناها نكون حافظنا على بلدنا آمنا مستقرا منيعا بقيادته الهاشمية و مؤسساته و شعبه الأبي.