في لقاء ضم مجموعة من المهتمين بالشأن العام في اربد جرى حواراً ساخناً حول التحديات و المشاكل التي تواجه الأردن و التي لا بد من التغلب عليها، في المئة الثانية لتأسيس الدولة الأردنية، و كان الحوار ساخناً في ثلاثة محاور رئيسية، هي البلديات، كيف كانت و كيف آلت اليها الأوضاع، و كذلك الحياة النيابية التي كان لها دور فعلي في تقويم اعوجاج السلطة التنفيذية و تأصيل أركان الدولة، و المحور الثالث للنقاش كان الإدارة باعتبارها الجاهز الفاعل في تقديم أفضل الخدمات و أجودها للمواطن و بالتالي دفع عجلة التنمية للأمام.
ذكر المتحاورون أن مجالس بلديات الأردن، هي التي كتبت وثيقة استقلال الأردن، و رفعها الى المقام السامي جلالة المغفور له الملك عبدالله الأول يوم 25/5/1946 و من ذلك اليوم صار يطلق على أمارة شرق الأردن المملكة الأردنية الهاشمية، و كانت البلديات ذات استقلال مالي و إداري و تقدم للمواطنين أفضل الخدمات و أجودها لأن قانون عام 1955 أعطى صلاحيات كاملة غير منقوصة، و كانت الحكومة لا تتدخل في شؤون و عمل البلديات كما هو حاصل اليوم، حيث أصبحت البلديات مؤسسات عاجزة، يتم الاعتداء عليها من البيروقراطية الفاسدة في الوزارة التي لا تريد مجالس بلدية قوية بل مجالس ضعيفة كأنها مؤسسات حكومية، تتلقى التعليمات و الأوامر من الغير، و بصراحة أن القوانين و الأنظمة التي أصدرتها الحكومات المتعاقبة سببت أزمة اقتصادية خانقة في الأردن، و آن الأوان ان يعود للبلديات اعتبارها و اصدار قانون حضاري يجعل البلدية هي المسيطرة و المهيمنة على كل ما يحدث داخل المدن الأردنية، و هي التي تفرض التنسيق بين مختلف المؤسسات الخدماتية المتعددة داخل المدينة.
وناقش المشاركون في الحوار الحياة النيابية في الأردن، كيف كانت وكيف آلت اليه في العقود الأخيرة، حيث أصبح المال السياسي هو الذي يفرز النواب وليس الفكر السياسي او البرنامج الذي يناقش مختلف القضايا العامة التي تهم المواطن والوطن، وقد استمعنا في الآونة الأخيرة، أحاديث لبعض النواب عندما يسافرون الى الخارج ويلتقون في صالات القمار، وكان الحديث بالفعل مقزز للنفس.
واستطاع المال السياسي ان يفرز مجموعة من النواب لا تملك رؤية للأردن الذي نريد ولا رؤية سياسية او اقتصادية لذلك، لابد من وقفة شجاعة في مواجهة المال السياسي في الانتخابات القادمة، وتركيز النشاط على من يملك رؤية نهضوية للدولة، ويجعل الحياة النيابية الحقيقية تدعم القيادة السياسية، لأن مجلس النواب المنبثق من جماهير الشعب يكون قوياً بذاته اما النواب الذي يفرزهم المال السياسي، يضعف الحياة النيابية كثيراً.
في المرحلة القادمة نحن بحاجة الى مجلس نواب اقوى من الحكومة لأن اختيارهم تم بإرادة شعبية عارمة ليس للمال السياسي دوراً في اختيارهم لان الحياة النيابية الحرة أفضل وسيلة لإصلاح وكسر أنوف الفاسدين.
وناقش المتحاورون في اربد موضوع الإدارة الناجحة ودورها في تقدم التنمية المستدامة والنهوض الاقتصادي، والعلم الإداري الحديث يؤكد أن هدف التنمية الإدارية تفعيل الكفاءات الصادقة والمخلصة والتي تملك رؤى للصلاح لان الإداري الناجح هو الذي يعرف جيداً أهمية القيادة في المؤسسة سواء كانت حكومية او مؤسسة او شركة خاصة، والإدارة الناجحة تجعل الجماهير تثق بها وتثنى عليها ويزداد الولاء والانتماء، اما إذا فسدت الإدارة فان الثقة تنعدم.