هناك بشر ينطبق عليهم بيت الشعر القائل "إذا أنت أكرمت الكريم ملكته وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا", وهؤلاء ليس بالضرورة من فئات العامة وحسب بل منهم مسؤولون كبار وحكام وحتى قادة دول, والأمر يتعلق بأوزانهم السياسية وصفاتهم وأنماط تفكيرهم.
أحد هؤلاء في محيطنا هو رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي يحكم الكيان منذ سنوات طوال "إنتفش خلالها ريشه كثيرا", وظن أن حلم القيادة الأردنية وموضوعيتها وإحترامها للقانون الدولي وإلتزامها ببنود إتفاقية السلام ناجم عن ضعف يمكن إستغلاله, خاصة بعد أن حظي بلقاءات وتواصل من لدن بعض إخوتنا العرب, الأمر الذي زاد في إمعانه وتبجحه ظنا منه أيضا أن العرب يمكن أن ينقلبوا على أشقائهم لصالحه.
منذ عام تقريبا كتبت مقالا بعنوان "العين الحمراء" وقلت تصريحا وتلميحا أن هذا وأمثاله لا تنفع معهم سياسات الإعتدال والموضوعية والإلتزام بالعهود والمواثيق, ولا بد من أن يروا العين الحمراء ليعلموا يقينا أن المملكة الأردنية الهاشمية لم ولن تكون دولة هشة ولن تفقد دورها الإقليمي التاريخي مهما شهدت المنطقة والإقليم والعالم من تطورات صعبة وضاغطة وحتى مؤلمة, حتى وإن مارست الحكمة في بعض مواقفها وصفحت عن أخطاء بعينها أملا في أن يقدر الطرف الآخر أن في ذلك قوة لا ضعفا, خاصة إن كان ذلك الطرف من فئة الكرام لا اللئام الذين لا بد من قصقصة ريشهم!.
اليوم أنا سعيد جدا لأن يأبى جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين لقاء نتنياهو الذي أخذته العزة بالإثم ولم يتورع عن محاولاته البائسة لإضعاف الأردن وتجاوز دوره الأقليمي متوهما أن ذلك ممكن في ظل الدعم اللامحدود الذي حظي به من الإدارة الأميركية الحالية الآفل نجمها حتما وقريبا جدا, وتواصله مع بعض أشقائنا الذين تأبى عليهم عروبتهم بالضرورة تحقيق مآربه على حساب القضية ومصالح أشقائهم العليا.
نتنياهو "خفيف" جدا سياسيا وإستراتيجيا ولهذا لا تنفع مع أمثاله سوى سياسة ومنهجية العين الحمراء التي طالبت بها قبل عام تقريبا, فالأردن البسيط حجما أثقل بكثير من أوزان سائر الخفيفين على هذا الكوكب والتاريخ شاهد منذ تأسيس المملكة وإلى يوم الدين بعون الله.
نشد على يدي جلالة الملك بقوة ونطالب السلطة الفلسطينية بموقف صريح واضح قوي يستنهض همم الشعب الفلسطيني الشقيق صاحب التضحيات الجسام على مر السنين تشبثا بأرضه وبوطنه , مثلما نطالب أشقاءنا العرب قبل الأوربيين والروس وسواهم , بمواقف قوية واضحة صريحة توقف تمرد نتنياهو واليمين الصهيوني عند حده.
الأردن لم يقصر ولم يتوان يوما عن مؤازرة إخوانه العرب , وهو والأشقاء الفلسطينيون ينتظرون من كل عربي موقفا مؤازرا داعما بلا حدود. أما نحن الأردنيين فعلينا دعم موقف الملك بقوة تشبثا بوطننا وبإستقلالنا ودعما قويا لقضية أهلنا الفلسطينيين حتى لو تخلى عنهم العالم كله.
قبل أن أغادر نشكر للملك موقفه القوي ونتطلع لإطلاع شعبنا على كل الحقائق وما يجري كي يحشد هذا الشعب الوفي الصابر طاقاته كلها دفاعا عن المملكة وعن فلسطين وقضيتها والقدس وحرماتها , ويقينا فالله جل جلاله معنا وما خاب من بالله إستعان وعليه وحده توكل . وهو سبحانه من وراء قصدي.