انتفضت مصر على واقعها المحيط الذي ما فتئ يحاول النيل من استقرارها وامنها، ويقوم بوضع العصي بدواليب عجلتها التنموية ومسيرتها الاقتصادية، ولقد حاولت المناخات الاقليمية المحيطة لمصر طيلة السنوات الماضية من اشغالها بدل تشغيل مؤسساتها، ولقد عمل المحيط الاقليمي لمصر على استنزافها من خاصرة سيناء ومن بوابة ليبيا وكما من الحالة الاثيوبية التي باتت مستعصية في جنوبها.
ولقد عملت مصر طيلة السنوات الماضية في عهد الرئيس السيسي على تقديم نموذج فريد في العمل التنموي والانتاجي، حيث قامت مصر بتشييد حالة عمرانية طالت العديد من المدن الجديدة ومشاريع البنية التحتية المتممة، اضافة الى بناء مشاريع استراتيجية بدات بتوسيع قناة السويس ثم جابت الاركان التنموية في مجالات محطات الوقود الصناعية والبيئية الى ايجاد بيئة خصبة للاستثمار والانتاج، إضافة الى تقديم نموذج ريادي في الصناعات المتوسطة وتطوير ادوات العمل لتشمل الصناعة الزراعية والصناعة المعرفية ذات النماذج الريادية في الذكاء الاصطناعي.
الامر الذي ادى ببعض القوى الاقليمية لعرقلة مسيرة مصر التنموية عبر افتعال أزمات محددة ومنظمة كما يصف ذلك بعض السياسيين، وذلك عبر محاولات سعت الى جرها في المياه الاقليمية الآسنة، الا ان مصر كانت يقظة ومتنبهة واستخدمت الاسلوب الدبلوماسي لحل الازمات باحتواء ما يمكن احتواؤه، وتحمل حالة الشد التي تعرضت لها بكل صبر وعزيمة اقتدار، لان الظروف السياسية العالمية في حينها لم تكن مواتية لاطلاق مبادرات سياسية وتعميد حضور ميداني اقليمي فاعل على مسرح الاحداث.
والىوم اذ تنتفض مصر لذاتها، وتعمل للحد من حالات الشد المحيطة، عبر اعلان القاهرة الذي حمل نافذة فرج لليبيا كما للشمال الاقليمي والعالم، كونه سيعمل على تعزيز مناخات الاستقرار في ليبيا ويرسخ من مناخات الاستقرار الاقليمي، فانه يعول على اعلان القاهرة ان يقوم بضبط حالة الفلتان الامني الليبي والاقليمي.
وذلك لاعتبارات سياسية جاءت منسجمة مع المرجعيات السابقة والتي كانت في اجتماعات ابوظبي وروسيا والمانيا وصولا الى القاهرة التي استطاعت بدورها ان تضع خطة تفصيلية راعت جميع الجوانب الامنية والسياسية والتنموية للاقاليم الثلاث الليبية وذلك ضمن مدة زمنية حددت برنامج العمل الذي يجب على الجميع التقيد بقواعده للحفاظ على وحدة التراب الليبي ووحدة المجتمع الليبي ووحدة القرار الليبي، ليبقى مستقلا عن سموم رياح التدخلات الخارجية، وهو الاعلان الذي يتنتظر ان يكون في بيت القرار الاممي مأطرا بالبند السابع الذي يلزم الجميع التقيد بالقوة.
كما عملت مصر في ذات السياق على البدء الفوري لترتيب عقد اجتماعات من شأنها انهاء ملف سد النهضة ضمن جدول زمني عملي وموضوعي يستند للخبرات الفنية بهذا الشان فلا يؤثر على المنسوب المائي في نهر النيل كما يقدم حالة من الشراكة المصرية السودانية والاثيوبية وهذا ما يعول عليه في انهاء هذا الملف العالق ضمن جمل استراتيجية امنية وتنموية.
فيما ينتظر ان يقترن نشاط الدبلوماسية المصرية هذا، بعمليات حاسمة امنية تعيد مصر الى بسط نفوذها الامني المطلق في خاصرة سيناء، عبر عملية امنية شاملة تقوم بتمشيط مناطق سيناء من الجيوب الارهابية ووضع حد للتدخلات الاقليمية المحيطة التي تقوم على تمويل نشاطاتها ودعم زراعة هذه الجيوب المزروعة ضمن نماذج صناعية وليس طبيعية داخلية وليس اهلية.
ولان انتفاضة مصر تعني انتفاضة العرب، وتعني للنظام العربي عودة الامة لدورها المحوري الغائب، لذا كان الاردن دائما مع مصر، يعمل معها وتعمل معه من أجل دور الامة ومكانتها وتناصره بالراي وبضرورة العمل من اجل اغناء العمل العربي المشترك عبر برنامج مصالحة شامل يعيد الكل العربي للاطار العربي الجامع، لتنتصر الذات العربية لقضاياها الاستراتيجية والمركزية، وهذا ما يعول عليه سياسيا، وما تتمناه الامة العربية شعبيا.
(الدستور)