في الوقت التي يحتفل فيه الاردن بعيد الجلوس الملكي الحادي والعشرين والذي يصادف اليوم الثلاثاء، مازال الأردن وبحمد الله صامدا في معركته أمام الجائحة التي أتت على الأخضر واليابس في معظم دول العالم. لكن الجائحة ليست فقط هي شاغل الحكومة الوحيد، فالحكومة لديها الكثير الكثير من الملفات التي تستوجب العمل عليها، لتعزيز النهج النهضوي ولترك أرثٍ، يستأنس به ولو بعد حين، خاصة بعد إتمام الحكومة لعامها الثاني واكتسابها الخبرة العملية في طبيعة التحديات التي تواجهها وكذلك في طبيعة الحلول الممكن تطبيقها.
إن أفضل ما يمكن للحكومة الحالية أن تتصف به، وقبل قربها من الشارع، هو العدل!
" العدل العمري" نسبة لعمر بن الخطاب القرشي، ، ثاني الخلفاء الراشدين. وربما من حسن الطالع أن يكون دولة الرئيس هو أيضا عمر! اليوم يا دولة الرئيس، الناس بأشد حاجة إلى العدل، لا بل للعدالة الناجزة وفي كل مفاصل الدولة الأردنية. فقد يكون الإقتصاد هو محرك الحياة العامة والدول، لكن العدالة هي روحها.
وهذا ما أكد جلالته عليه اليوم وفي كل يوم، أن تتحقق العدالة عندما يسود القانون على الجميع، قولا وفعلا. كما أكد جلالته سابقا في ورقته النقاشية السادسة، على أهمية مكافحة الفساد و سيادة القانون كأساس للدولة المدنية. قد يغري الفساد الكبير ورأس المال الفاسد المسؤول بمكافحته أولا وتسليط الضوء عليه. ولكن ومن الضروري أيضا مكافحة الفساد الصغير أوالخفي وصعب التعقب، هو ذلك الفايروس المتمثل بالفساد الإداري والواسطة والمحاصصة والمحسوبية، وإعطاء الحقوق لغير أصحابها واختطاف أماكن المسؤولية ممن هم أحق بها وأهلها. إن إحقاق الحق وفي جميع المفاصل الحيوية للحكومة على اختلاف مستوياتها وليس فقط في المناصب القيادية. لهو السر الذي به تزدهر الدول وتتعزز منعتها وتتمكن من مواجهة التحديات كافة بثقة وصلابة وتحقق النمو والازدهار. وقد أتخذت الحكومة مشكورة العديد من الاجراءات لضمان العدالة في التعيين والتوظيف وغيرها من الاجراءات، لكننا ما زلنا نأمل بالمزيد.
إن تشديد اجراءات الرقابة الحكومية والحاكمية الرشيدة على عملية اختيار أصحاب الكفاءات والمعرفة والتفوق في كافة المؤسسات الوطنية ،عموديا وأفقيا، لا بل والبحث عنهم في الميادين المختلفة والبعيدة عن الدوائر المعتادة واستقطابهم من ثكناتهم وتمكينهم لخدمة وطنهم، لهو الطريق الوحيد لنكفل وجود قطاع عام قوي ومتماسك ونابض بالحياة كخلية نحل تجتهد في خدمة المواطنين وحماية حقوقهم، وهو أيضا الأساس الحقيقي الذي تُبنى عليه الديمقراطيات والاقتصادات المزدهرة والمجتمعات المنتجة، وهو الضمان الوحيد لتوفير الإطار الفاعل للإدارة العامة القادرة على تخطي كافة الأزمات كالتي نواجهها اليوم. فالعدالة المتحققة من سيادة القانون هى المظلة التى تحمى مسيرة الديمقراطية والتقدم فى المجتمع وهي العنصر المحفز لتحقيق التنمية والتطوير الذي لطالما حلمنا به.
اليوم وكغيره من المناسبات الوطنية العزيزة، وفي هذا الظرف الوبائي والاقتصادي الذي نمر به، أمامنا فرصة ذهبية لاستحضار الإنجازات التي حققتها الدولة الأردنية بقيادتنا الهاشمية على مر التاريخ، داعين الله أن يبقى أردننا
مثالا يحتذى بالعطاء والإنجاز رغم كل التحديات والصعوبات. وندعو الى الله جلّت قدرته أن يوفقكم لإحقاق الحق وإرساء كل ما فيه مصلحة وطننا العزيز والنهوض به.