ما بين النجاح ومحاولة الاغتيال
د.حسين شاكر عساف
09-06-2020 02:31 AM
من غير المقبول ما يمارس على بعض مواقع التواصل الاجتماعي من محاولات لسحق شخصية أكاديمية وبحثية وعلمية، وتنمر الكتروني تسترجل فيه بعض الأسماء الوهمية على من أسس لفعل تصحيحي يعالج به الوهن الذي أصاب أهم جامعاتنا الوطنية.
كان الأولى بهؤلاء أن يسترجلوا على من صنع لبعض جامعاتنا هوية مشوهة، وقزم من فعلها التعليمي والتنويري حتى أصبحت مجرد مؤسسة حاضنة لفرص العمل والتكسب على حساب مهمتها الأصيلة، وكان الأولى بهم أن يسترجلوا على من جعل من بعض جامعاتنا في مراتب متأخرة على مستوى تصنيف الجامعات، وأنتج داخلها قيم وأهداف وتنافر وجداني لا يمت البتة لبيئة جامعية.
رئيس جامعة البلقاء التطبيقية الأستاذ الدكتور عبد الله سرور الزعبي، وأي رئيس سيمر، هو وزير المعرفة والعلم بوصف الجامعة وتوصيفها بأنها جامعة الوطن، لتوطن كلياتها وانتشارها في كل مفاصل هذا الجسد الهاشمي العروبي.
وعبد الله سرور الزعبي هو الأب الشرعي في جامعتنا لكل التقدم الذي تحقق، وهو الذي أعاد للجامعة بوصلتها بعد أن انحرفت عن الأهداف التي من اجلها تأسست وأصبحت في مرحلة التيه مثل أي جامعة تتغول فيها العلوم الإنسانية – رغم أهميتها- على التعليم الحديث والتقني منه.
صحيح أنني في العرف، أو قل ثقافة المجتمع لا يمكنني الكتابة في حق الرئيس كونه لا زال على رأس عمله وفي موقعه، لكن كلمة الحق ليست مقيدة بزمن، ولا هي أسيرة موقف معين، فهو عمل على إعادة الصياغة لمنظومة الأعراف الأكاديمية ومنع أي خرق لها، وشكّل في وجدان العاملين فيها رغبة الاحترام لمعايير الشفافية والنزاهة التي تدار بها الجامعة دون الخضوع لمنطق التدخل من خارج الحرم، ودرءا لمحاولة سيطرة البعض على مفاصل القرار فيها وإقامة شرع المجتمع وأخلاقياته، لإيمانه أن العكس هو الحق الذي يجب أن يتبع، وان للجامعة قيم لا يمكن القفز عنها.
رئيس الجامعة- بالوصف والتوصيف الذي ذكرت، كان يتبنى كل مبادرة تعليمية أو سياسية أو ثقافية، ويعمل على تنفيذ أجندة أكاديمية وعلمية بحتة تسعى إلى إتمام مهمتها من اجل وطن ينهض، بدلا من عرقلة الوطن بتفجير قضايا خلافية وجدلية تجبرنا على الدخول في متاهات المنظّرين, فهذا يرصد ويقبض على كلمة أو عبارة أو حكم أو تصريح، وذاك يهرول وراء تأييد أو مناهضة أو تقويض فكرة أو رأي.
في إدارته للجامعة ظل يزرع قيمة أن الزمن لم يعد صالحا لاستخدام كلمات الإمكانات والظروف والأحوال، فهي عبارات باهته وضعيفة، ولا تليق إلا بالذين يدغدغون مشاعرنا بنصوص الرقائق التي ربما تنتهي بسامعيها إلى التسليم بقيم التواكل والصبر واللامبالاة، في الوقت الذي نحتاج إلى تدعيم ونشر قيم العمل والإنتاج، وقبول الآخر طوعا أو قسرا أو محبة أو كراهية ، المهم أن نقبله.
والقبول هو الذي يخلق طباعا إنسانية قادرة على الانفتاح على الآخر، والتعامل معه كانسان يجتهد فيصيب وقد يخطيء أيضا، فهل تريدون أن يرحل عن الجامعة مستعجلا دون أن يتم مشروعه الذي إن تحقق لصارت للجامعة سمعة على مستوى العالم بعد أن كنّا نشكو ضعف ترتيب جامعاتنا الوطنية في كل تصنيف، هل نريد لإرادته أن تنكسر في مواجهة كل هذا الصخب والضجيج ونحن الذين هللنا في البدايات لتلك الرجولة التي تشكلت سيلا يطيح بكل الحصى وما نبت من شوك على طريق قال عنه منذ اليوم الأول انه لا يعرف فيه مستحيلا، هل تؤسسون لمشهد جديد تغتالون فيه قامة علمية وبحثية لأجل أن ترضا رغبتكم بطمس قصة نجاح وجامعة اعتلت القمة في اقصر مدة.
والهدف ليس هو، فالرجل يذهب إلى ميدان آخر من ميادين العطاء يضيف عليه بعضا من لمسته ويسكب فيه شيئا من روحه التواقة إلى كل نجاح، لكن الهدف هو تسجيل عودة جديدة لتأثير الشارع وجعله عبئا على تقاليد الجامعة وأعرافها العريقة، واستفراد البعض بها وتحويلها إلى مثل أي مؤسسة تخضع للمزاج والمصالح الضيقة فتحولها إلى كيان يشبه تلك الكيانات التي تتحكم بها عقول تبحث عن ذاتها ولا تصنع منها هوية جامعة أو مؤسسة محترمة.
إن كنتم وطنيون، ومن ثم حريصين على البلقاء كجامعة ومنارة، دعوا الرجل يكمل مشروعه، حتى لا يقال أنكم ضد النجاح وضد الانجاز الذي سيتحقق.