الملك منذ تسلمه سلطاته الدستورية سعى للمحافظة على الأردن مكانة ورسالة
د. حازم قشوع
09-06-2020 02:03 AM
منذ أن استلم جلالة الملك عبدالله الثاني سلطاته الدستورية والأردن يواجه تحديات ذاتية، وفي مجابهة قضايا موضوعية إقليمية ودولية، حيث شكلت في مضامينها التحدي الأكبر لما حملته رياحها من تهديد مباشر تجاه أمن الوطن ونمو مساراته التنموية.
فمنذ تسلم جلالة الملك عبالله الثاني دفة القيادة، جابه أزمات سياسية وإقليمية بدءا من الحرب العراقية ومن ثمن تبعها اشتداد أجواء القضية الفلسطينية ومن ثمن تأثر الأردن بأزمة الاقتصاد العالمي وبعدها تم إدخال المنطقة من جديد في مناخات الربيع العربي ومن ثم الحرب ضد الإرهاب ونظرية الاحتواء الإقليمي وصفقة القرن وبعدها الحرب ضد وباء كورونا.
وفي كل محطة من هذه المحطات كان الأردن يسجل علامة امتياز، ويقوم بتحويل كل منعطف خاضه الى منطلق، بفضل الرؤية الاستشرافية وحسن الإدارة التي يقف عليها جلالة الملك عبدالله الثاني، والتي مثلتها حماية المنجزات وصون المكتسبات ودعم أواصر التنمية والحفاظ على النهج الديمقراطي التعددي عبر انتخابات برلمانية وبلدية ومجالس محافظات، حيث كان جلالة الملك حريصا على اقامتها رغم صعوبة المنعطفات الاقليمية التي حاولت أن تعيق حركة التنمية وتؤثر على ميزان النماء، الا ان استراتيجيات العمل التي كان يضعها جلالته كانت دائما تسجل علامة انجاز فارقة ميزته وامتاز بها نظام حكمه ومسيرة نهجه.
فمنذ أن استهل جلالة الملك عبدالله الثاني مشواره في الحكم وهو يسعى للمحافظة على الاردن، مكانة ورسالة، حيث أسس عبرها أرضية تنموية وشرع بتنفيذ بنودها ضمن استراتيجية عمل استندت للارتقاء في العامل الذاتي لمجابهة متغيرات المشهد الاقليمي، ولحمايته من تلك العواصف الجارفة التي اثرت على مستقرات المنطقة وبدلت اولوياتها من اولويات تنموية الى اخرى امنية، وهذا ما تحقق وفق استراتيجية عملت على مجابهة الاهتزازات العميقة التي تعرضت إليها المنطقة وهذا ما ادى الى وقاية المجتمع من تلك الانعكاسات، وحافظ على درجة الاستقرار وعلى مناخات الامان بالرغم من تأثر حالة المواطن الاقتصادية والمعيشية، كما البرنامج التنموية جراء هذه التداعيات.
ولأن رسالة البناء الوطني التي يقودها جلالة الملك تقوم على ثلاثة مرتكزات هي» الحماية والرعاية والرفعة» لذا استندت مسيرة البناء الوطني عليها كأساس في تقديم المنفعة الضرورية والحماية الاكيدة وفق خطة عمل تقوم على حماية المواطن بما فيها موجوداته ومكتسباته وهنا لا نتحدث عن ممتلكات بل نتحدث ايضا عن مساحة حريات جسدت الحماية ضمن اطار الحفاظ على المواطن وحريته كما على موجودات الوطن ورسالته.
ولقد استطاعت استراتيجية العمل ايضا التي وضعها جلالة الملك، أن تقدم الرعاية الاساسية في المجالات التأمينية والصحية والتعليمية اضافة لتطور البنية التحية، ففي المجالات التأمينية يتصاعد الخط البياني للتأمين في اطار الضمان الاجتماعي او من خلال شبكات التأمين الاخرى، وهذا ما جعل من الخطة الموضوعة في هذا المجال تقترب من تحقيق اهدافها، أما في المجالات الصحية فان الاردن ما زال يخطو خطوات واسعة للوصول ببرنامح التأمينات الصحية الى استهدافاته ضمن برنامج عمل وطني يسعى للتوسع الافقي تمهيدا للدخول في البرنامج النوعي خلال المرحلة التي تليه، ومن ناحية اخرى ما زالت الدولة الاردنية تقوم بدورها خير قيام على صعيد التوسع في بناء الجامعات والمدارس على الصعيد الافقي في خطوة تسبق وثبة الانتقال بالمستويات التعليمية الى المستوى النوعي او التعلم المعرفي.
وتجدر الاشارة هنا إلى أن الاستراتيجية التنموية التي وضعها جلالة الملك كانت دائما تبدأ في بناء البنية التحتية من خلال التوسع والانتشار الافقي، ثم الشروع في انجاز البنية الفوقية اللازمة للتفعيل والتشغيل وهذا منسجم مع ضرورات الامكانات المادية المتوفرة، وهذا ما ادى الى وصول واقع الخدمات الى كل المحافظات والالوية، لكن مع ذلك ما زالت الحاجة الى هيكلة ادارية ضمن وصف وظيفي يرتكز على الجانب النوعي في التعيين؛ لايجاد تلك العلامة الفارقة التي ستميز الاردن وطابع خدماتها.
وعلى الرغم من دخول المنطقة في منزلق اللحظة التاريخية التي نعيش، وما تخللها من صعوبات أمنية ومعيشية، إلا أن الدولة الاردنية استطاعت أن تحقق درجات نمو وصفت بالاستثنائية، حيث تم بناء مدينة العقبة بحلة جديدة وتوسيع مدينة عمان الى ثلاثة اضعاف، وتوسيع الزرقاء واربد كما المفرق، وهذا مرده لاستراتيجية العمل التنموية الاستدراكية التي تقوم على تحويل المنعطفات السياسية الى منطلقات تنموية.
كما استطاعت استراتيجية العمل التي وضعها جلالة الملك في الارتقاء بالمحاور البنائية الامنية منها والتنموية والتي سعت بدورها على الصعيد الامني من أجل حماية الوطن وموجوداته، ودوره ورسالته السياسية والامنية، وفي الجانب التنموي عملت على الارتقاء بالمستوى المعيشي للمواطن، وسعت في ذات السياق على توسيع حجم المشاركة الشعبية تجاه صناعة القرار، وعملت ايضا على توسيع رقعة العمل التنموي في اطار رسالة البناء الوطني لتشمل الكل الجغرافي للدولة، وهذا ما كان له صدق الأثر في وقائية الاردن ومجتمعه من اهتزازات الربيع العربي ومن مناخات التعرية والتجوية التي خيمت على مجتمعات المنطقة التي راح ضحيتها أنظمة ومجتمعات.
هذا اضافة الى تربع الاردن عند المستويات الاولى عالميا في الحرب ضد الارهاب كما ضد الوباء، عندما استطاع الاردن ان يكون من اوائل الدول التي تصل الى مستوى المجتمع النظيف الآمن على مستوى العالم، الامر الذي أكد ثبات الأردن واحة للامن والاستقرار والأمان، والاردن قادر على إعادة تدوير عجلة الاقتصاد والتغلب على الظروف المعيشية والاقتصادية بعد نجاحه في التغلب على التحدي الاكبر المتمثل في أن سلامة الانسان تأتي اولا .
إن الشعب الأردني وهو ينظر الى حقبة الانجاز التي ميزت قيادة جلالة الملك، لدفة الحكم فانه يقرأها بموضوعية القارئ ويقيمها بدرجة الانسان المنصف، فلا يسعه إلا أن يهنئ جلالة الملك عبدالله الثاني على مستويات الانجاز التي تحققت، والتي غدت بفضل الله وتوفيقه، تميز ادارة حكمه لما تحويه من علامة انجاز فارقة باتت تشكل أحد روافع منهج الحكم، والتي تمثلها شرعية الانجاز، حتى بات الأردن مقرونا بالانجاز.
الدستور.