لا يشغل بال الملك عبدالله الثاني في هذه المرحلة، أكثر من ترتيبات العودة “بأقصى سرعة” لتحقيق جملة من الأهداف في مقدمتها حماية حق الأردنيين في حياة كريمة، والتصدي لتداعيات أزمة كورونا على الاقتصاد الوطني.
ثمة يقين تام بأن الحياة الطبيعية كما عهدناها لن تعود في وقت قريب، وهناك حاجة للتكيف مع حياة التهديد، وتطوير قدراتنا للاستجابة والرد السريع كلما دعت الحاجة وتطورات الحالة الوبائية.
أكثر ما يعوزنا في المستقبل الثقة بقدرتنا على تجاوز المرحلة الانتقالية الصعبة. تجربتنا في مواجهة انتشار فيروس كورونا المستجد، كانت قصة نجاح للدولة بكل مؤسساتها.
يشعر الملك بطعم النجاح مثل سائر الأردنيين، وهو على ثقة تامة بأن الأردن سيكون أكثر قوة مع تخطي هذه المرحلة. لكن جلالته لا يترك هذا الأمر المهم للتوقعات فقط، بل يقود بنفسه جهدا ضخما لبلورة خطط عملية للمستقبل القريب لمعالجة معظم التحديات التي تواجه الأردنيين. خطط للنهوض بالزراعة والصناعة والسياحة، والتشغيل بالتعاون مع المؤسسات كافة، المدنية والعسكرية. والقول بأن العالم كله يعاني من نفس الظروف التي نمر فيها لا يبدو جوابا مقنعا أو شافيا بالنسبة لجلالته، ولا يقبل به كرد على تساؤلات مواطنين فقدوا فرص عملهم جراء الجائحة. الجواب هو بالعمل الجاد لتحسين ظروف المواطنين واستثمار الفرص المتاحة داخليا وخارجيا لتحقيق مكاسب وطنية على الصعيد الاقتصادي.
دائرة صناعة القرار في الديوان الملكي تعمل بكامل طاقتها لتلبية التوجيهات الملكية، وثمة قناعة لدى جلالته بأن تجربة التعاون بين أصحاب القرار في مختلف المؤسسات خلال أزمة كورونا كانت غير مسبوقة قياسا بحالات سابقة كانت تشهد تجاذبات تضر بالمصلحة الوطنية.
عقلية الفريق الواحد التي تحكم أداء جميع المؤسسات اليوم، سيتم البناء عليها لاستكمال وإنجاز مهمات المرحلة المقبلة، التي تبدو أشد حساسية ودقة من معركتنا المباشرة مع الوباء.
بموازاة العمل على مسارات التعافي الاقتصادي وإدارة العلاقة مع العالم الخارجي الذي يقدر عاليا التجربة الأردنية واستثمار ذلك لمزيد من المكاسب، لن نشهد تعطيلا على مسارات الإصلاح الإداري ومكافحة الفساد والمرحلة المقبلة تحمل في طياتها مواصلة العمل في هذا الميدان بما يحقق الأهداف المنشودة.
والانتخابات النيابية استحقاق دستوري ملزم، وكما في السابق لم تمنعنا ظروف إقليمية مضطربة من تنظيمها، فإن هذا الالتزام يكتسب أهمية في المرحلة المقبلة.
في الأسابيع القليلة المقبلة سيتحول الأردن إلى ورشة عمل على مختلف المستويات، وتوظيف مبرمج للزخم الوطني الذي تشكل مع الجائحة، لمواصلة عملية البناء والنهوض، وسيلمس الجميع تحسنا ملموسا في المؤشرات التنموية والاقتصادية، رغم التحديات الماثلة.
الدولة أقوى من أي وقت مضى، وستوجه طاقتها وقوتها لخدمة مواطنيها بالدرجة الأولى، ولن تترد كذلك عن مواجهة الأخطار الخارجية إذا ما استدعت المصلحة الوطنية.
اليوم سنشهد أول التحركات للتعامل مع مرحلة ما بعد كورونا.
الغد