بدأ الصخب وضجيج الشوارع يعود إلى طبيعته في العاصمة عمان وبقية المحافظات، وتزينت الازقة والميادين بنبض الحياة من جديد، بعد حظر دام لأكثر من ثلاثة شهور، استجاب خلالها المواطن لأوامر الدفاع التي توالت للحد من انتشار الفايروس والسيطرة عليه.
ابتهج الأردنيون بداية بقرار رفع الحظر، وباتوا يسرحون ويمرحون فرحين بما تم إنجازه على صعيد الملف الصحي، لكن الحكومة كعادتها لا زالت تزرع المطبات وتدق الأسافين في طريق المواطن، ظنا منه انها باتت معبدة متكئا على ما يسمعه ويشاهده من تصريحات بعد معاناة دامت لشهور ثلاثة بفعل مكافحة فايروس كورونا وما خلفه من هزات ارتدادية تسببت به الجائحة، بين أتاوة فرضتها على رواتب العاملين، وحظر قطع أرزاق العديد من العاملين بشتى أصنافهم.
لم تعر الحكومة انتباها لحجم المعاناة التي تعرض لها المواطنين، بل خرجت بقرار يفضي إلى مزيد من التضييق عليهم، تجلى بإلغاء قرار مجلس وزراء سابق تضمن خصما على ضريبة الأبنية والأراضي والمعارف المفروضة على السنة الحالية والسنوات السابقة للمباني السكنية والتجارية، إلى جانب إلغاء الإعفاء من غرامات ضريبة الأبنية والأراضي والمعارف المتحققة عن السنوات السابقة ورخص المهن.
ألم يحن الوقت لتكف الحكومة يدها عن جيب المواطن الذي أصبح صيدا ثمينا يمثل الحل السحري الأمثل لتغذية خزينة الدولة، دون مقدرة منها على إنتاج حلول خلاقة، تسهم في الحد من تفاقم عجز الموازنة.
نطالب الحكومة أن تعدل من نهج سياساتها المالية التي لا زالت تصر على المضي فيها، متناسية ما ستخلفه هذه القرارات من أبعاد اجتماعية خطيرة، تسهم بما لا يقبل الشك إلى استفحال الفقر والعوز بين صفوفهم وسيكتوي بنارها شريحة واسعة من أبناء شعبنا الصابر.
تطلق الحكومة بين الحين والآخر تصريحات يستنبط منها أنها تعمل من أجل الارتقاء بمستوى معيشة المواطن، الذي تآكل دخله بفعل عوامل التضخم ورفع الأسعار، في ظل غياب أو تغييب دور وزارة الصناعة والتجارة والتموين، التي فشلت في كبح جماح ارتفاع الأسعار، ولم يتعد دورها في هذا الجانب سوى ما يصدر عنها من تصريحات أو نشرات إعلامية، وتقصير واضح في محاسبة المخالفين من التجار المستغلين لاحتياجات المستهلكين.
سياسة الجباية لا زالت في مقدمة أولويات الحكومة، والخروج من عباءة هذا النهج غير متاحة في ظل ضياع هوية الدولة الاقتصادية، وعدم تركيزها على النهوض بقطاعات معينة، قد تشكل معينا ورافدا مهما لخزينة الدولة.
الحكومة الحالية وغيرها من الحكومات القادمة، مدعوة أكثر من أي وقت مضى، أن تعدل من نهج سياساتها على الصعد كافة، وأن تترجم أقوالها إلى أفعال يلامس الواقع بكل تفاصيله، لا أن تبقى مجرد فقاعات تطير عبر أثير الهواء.