تقبع الولايات المتحدة الأمريكية في حالةٍ من عدم الاستقرار الأمني؛ بسبب تداعيات مقتل المواطن الأمريكي (جورج فلويد). فلويد ليس هو فقط ما أدى إلى هذه الحالة من عدم الاستقرار، وإنما كانت وليدة ضغوطات عنصرية عاشها المواطن الأمريكي من أصول أفريقيّة بالإضافة للأقليات الأمريكية من (دينية وعرقية) والتي باتت متأصلة في المجتمع الأمريكي، لعل خطابات وسياسات الرئيس الأمريكي العنصرية كانت المحفز الأكبر لأنصاره لإتباع سياسة القمع والعنف في تعاملهم مع ذوي البشرة السوداء تحديداً ، سياسة داعية للكراهية. فقد سجلت حالات التحريض إرتفاعاً منذ تولي دونالد ترامب رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية . وهذا ما أكده العديد من الساسة الأمريكيين ومن ضمنهم وزير الدفاع الأمريكي الأسبق جميس ماتيس الذي أتهم ترامب بقوله إنّ "دونالد ترامب هو أول رئيس في حياتي لا يحاول توحيد الأميركيين، بل إنه حتى لا يدعي بأنه يحاول فعل ذلك"، مضيفا "بدلاً من ذلك، هو يحاول تقسيمنا"، وباتت سياساته في التعامل مع الوضع الحالي مداعاة لتأجيج التوتر وتصعيده لا وتعدى ذلك إلى إصدار تعليمات صريحة وواضحة اعتبرها الكثيرون مثيرة للقلق من خلال توجيه حكام الولايات لمواجهة حالة الإنفلات الأمني بقوة مطالباً إياهم بالتصعيد واصفاً أعمال الشغب بـ (الإرهاب المحلي) .
لعل هذه المظاهر ليست بجديدة على دولة تدعي حرية التعبير والديموقراطية وتنادي بحقوق الإنسان ، فقد أكدت الدراسات أن الشبان الذين ينتمون إلى الأقليات الإثنية وتحديدا من (أصول أفريقية) معرضون أكثر من سواهم لأن يسجنوا وأن توجه لهم تهم بإرتكاب الجرائم ، فلم تنطفئ نار العنصرية منذ الإستقلال، فيما تعتبر أمريكا الدولة الثانية جنباً إلى جنب مع الصومال التي رفضت التوقيع على بيان حقوق الطفل الصادرة عن هيئة الأمم المتحدة ومعاهدة القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة بالإضافة لمعاهدة حقوق المعوقين وغيرها من الإتفاقيات الأممية المتعلقة بحقوق الإنسان والتي باتت محل سخرية وانتقاد في ظل إدعائها المتواصل بالمدافع عن حقوق الإنسان وسميت نفسها بلد الديموقراطية والحريات.
هذه المفارقات وغيرها أثبتت أن أمريكا دولة دموية منذ نشأتها والتاريخ يسجل لكل رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية أنهم متورطون وبدرجة كبيرة في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وبستار حقوق الإنسان والدفاع عن الحريات . بالإضافة لدعمها المتواصل لجرائم اسرائيل بحق الفلسطينيين منذ نكبة 48 وحتى إعلان صفقة العار أو ما تسمى (صفقة القرن) واستخدامها الدائم للفيتو في مختلف المحافل الدولية ضد أي قرار دولي يدين إسرائيل وجرائمها في حق الشعب الفلسطيني .
تؤكد الدراسات أن الولايات المتحدة الأمريكية ومنذ نهاية الحرب العالمية متورطة في ما يزيد عن 75 حرباً وتدخلاً عسكرياً ودعماً لإنقلاب عسكري في مختلف مناطق العالم ولم تكن ذات علاقة بالدفاع عن الحريات أو حقوق الإنسان، وإنما لتحقيق مصالح ومكاسب على حساب شعوب العالم ..
أفلست الولايات المتحدة الأمريكية أخلاقياً ولم تعد شعاراتها الداعية للديموقراطية ومنادتها بحقوق الإنسان والتذرع بالحريات تؤتي أوكلها، وتقف الآن القيادة الأمريكية مكتوفة اليدين حول مصير بات مجهول في التعامل مع ملفات كثيرة في اليمن وليبيا وسوريا .