المواطنة على مقياس ناسداك !!
ابراهيم حامد المبيضين
04-06-2007 03:00 AM
( وفاءا لباسم سكجها الذي كان يشعر بالحزن الشديد والامتعاض الأشد ، كلما سمع أن صحفيا أو كاتبا أردنيا غادر الوطن للعمل في الخارج .. )باستثناء جياع إفريقيا ومشردي دارفور ، فان المواطن العربي هو صاحب أدنى أرقام قياسية في أمور حيوية كثيرة : انه صاحب أدنى رقم عالمي في استهلاك المياه ، وصاحب اقل إنفاق عالمي على الصحة ، وهو الأقل قراءة بين مختلف سكان العالم ، والمواطن العربي هو الأدنى استخداما للتقانات والمعلوماتية على وجه الكرة الأرضية ، والمواطن العربي هو المواطن الأقل انتخابا في العالم ، والمرأة العربية هي الأدنى وصولا إلى البرلمان والهيئات المنتخبة ، ونصيب المواطن العربي من البحث العلمي هو الأدنى بين البشر ، وحصة العالم العربي من الإنفاق على الأبحاث والدراسات هي الأدنى بين شعوب الأرض ، وكذلك حصته من الاختراعات والابتكارات ، والمواطن العربي هو الوحيد في العالم الذي ينتخب وهو متوفى بينما لا يستطيع الانتخاب وهو حي ، والمواطن العربي هو الوحيد على مستوى العالم الذي يتغير دستور بلاده خلال 3 ساعات ، من دون علمه أو مشاركته ، وهو الوحيد الذي ينتخب رؤساؤه بنسبة 99 بالمائة ، وهو الوحيد الذي يعتبر خلافة أبناء الملوك نوعا من الرجعية بينما كل التقدمية في خلافة أبناء رؤساء الجمهوريات .. يحدث كل ذلك للمواطن العربي في وطنه وبين أهله وضمن حدود بلاده التي يتغنى بها صباح مساء و" ينتخي " بشعارها وعلمها ، و " يتنومس " بأرضها ونشيدها .
كان أبو نواس ذات إحباط قال: " وما تميم وما قيس ولفهما.. ليس الأعاريب عند الله من أحد " .. قال أبو نواس ذلك عندما كانت تميم وقيس تتسود على الدنيا بأسرها ، فما تراه سيقول الآن ؟ أو هل تراه سيدرك أن الله حق ، وان عليه كي يعيش من قلة الموت ، أن يصبح كاتب كلمات أغاني وطنية في الإذاعة معين بأدنى مربوط الدرجة التاسعة ، فقط من اجل يكتب عن سؤدد الأوطان وكرامتها وأمجادها وكل تلك المصطلحات التي صار أبناء الفقراء والكادحين يسألون آباءهم ومعلميهم عن معانيها باستغراب ودهشة وتساؤل عن حقيقة وجودها ؟ ! هل قلنا الفقراء والكادحين ؟ ربما كانت هذه المعادلة تصلح منذ سنوات خلت ، أما الآن ، فحتى الأثرياء والذين كان يشار إليهم بالبنان ، صاروا بحاجة لمعجم لسان العرب لمعرفة معنى كلمات من مثل العدل والكرامة الوطنية وقيمة المواطنة .. وما على المستغرب أو المعترض على هذا الكلام إلا أن يقوم بكبسة " كليك " واحدة على " اللينك " الذي تضعه "عمون" على صدر صفحتها الأولى ، بعنوان " لمتابعة الخلاف " ـ بين مجموعة طلال أبو غزالة وأمانة عمان ؛ كممثل لمجموعة أكثر ثراء ونفوذا من مجموعة طلال أبو غزالة ـ ..!
قبل أن أغادر الأردن، كان شعار المرحلة هو " الفقراء لا يدخلون الجنة ".. ولذلك فقد امتثلت لشعار آخر أطلقه سيدي ومولاي الشاعر الصعلوك عروة بن الورد عندما قال : ذريني أسعى للغنى فاني .. رأيت الناس شرهم الفقير " . وهأنذا بعد 7 سنوات من العمل في الخارج ، والسعي من اجل الانتقال من "فئة الفقر المدقع " إلى فئة " الحال المستور " اكتشف أن جنة الوطن لم تعد محرمة على الفقراء فقط ، بل على الأغنياء أيضا ، طالما أن هناك من يفوقهم ثراءا ونفوذا .. وأن علي أن اعمل في الخارج 70 سنة أخرى كي أكمل أوراق اعتمادي مواطنا، فالمسألة نسبية؛ وحتى قيمة المواطنة أصبحت مسألة فيها نظر.. ودولارات.. مليارات .. ! وأصبحت تختلف من يوم إلى آخر بحسب مؤشر ناسداك ..!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* كاتب ومستشار إعلامي / البحرين
Kateb99@gmail.com