إذا أردنا الخروج من حالتي التطبيل أو النقد العدمي للحكومات والأنظمة والزعامات فإننا بالضرورة نحتاج الى الاتفاق على معايير تقييم الإداء كما ينص على ذلك علم الإدارة .
ونقطة البدء أن تكون ولادة الحكومة بطريقة شرعية لان الزواج غير الطرق الملتوية ، والزواج الحكومي يكون بصناديق نظيفة تؤكد أن الناس يرغبون بمن يقودهم ، فهم أحرار لا مستعمَرين، وهم بشر مكرمون لهم إرادة ، والجميع يعرف ماذا تسمى المخلوقات مسلوبة الإرادة !!. هذا هو المعيار الأول ، أما المعيار الثاني فهو وجود خطة لدى من يقود لتحقيق طموحات من نصبوه لقيادة شأنهم في الحرية والعدالة والبناء والإعمار وشتى المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والثقافية ، وحتى يصبح لهذا البرنامج مكانة وأهمية فلا بد من أن يكون شرطا" للولاية، فليست المسألة سطوة وجمال شكل ولا اعتمادا" خارجيا" بل الاعتماد الداخلي هو الأهم لأنه يشكل الدعم الحقيقي للسلطة فهي منهم وإليهم وتعمل لصالحهم فعلا" لا مجرد أقوال وخطابات استهلاكية!! . والمعيار الثالث هو تداول السلطة بين التلاوين السياسية والأفضل اجتماعها لتشكل تيارا" وطنيا" يدفع باتجاه واحد فنكون أمام محصلة دفع قوية بخلاف تعارض الدفع حيث المحصلة الفرق بين الجهدين كما يقول أهل الفيزياء وهو قول واضح وصريح في الفيزياء السياسية .
فالقصد اجتماع جهد الخبراء والمكونات الاجتماعية الاقتصادية والسياسية دون إقصاء ولا تستر باسم المؤامرة والإرهاب لانقضاض فريق ضد آخر وهو ما نشاهده في بلاد العُرب حيث الخندقة والاصطفافات والبيع والشراء والمحاكم والسجون والمشانق كي يستقر قذافي هنا أو هناك .
والمعيار الأخير هو التعامل مع الأرقام في الحديث حيث الرقم لا يجامل ، فكلنا نحتاج لمعرفة ما تملكه البلاد من خيرات ومدخرات وإيرادات صناعية وزراعية وخدمية وسياحية ، كما لا بد من تحديد أرقام المديونية والبطالة والفقر لتنطلق من الواقع نحو التخطيط العلمي للنهوض وعندها نقول أن هذه الحكومة أو تلك قد قلصت المديونية أو البطالة وزادت عائدات الدولة من تحويلات المغتربين وأن نسبة الأمية الى مجموع السكان تراجعت وهي في طريقها إلى التلاشي.
عالمنا العربي مدمر بالمديونية والبطالة والحريات القتيلة والفقر المدقع والمجالس النيابية العاجزة " إن وُجدت " وغياب تدوال السلطة ، وقد أثبت الربيع العربي أن الذين استمرأوا السلطة لا يغادرون إلا بصورة محزنة لا نريدها. ومهما كتبنا ونظّرنا من جميل الكلام فإنه يلقى كلاما" اذا قام عليه أشباه الرجال من الخونة و المرتزقة والصغار والطامعين .
هذه بعض المعايير التي لو استخدمناها لتقييم الواقع لكنا أمام حالة حزن فهل من غَيارى لتغيير هذا النمط من العيش الكئيب الذي تحياه أمتنا ؟؟ .