ذكرى النكسة .. وتداعياتها المستمرة
فيصل تايه
05-06-2020 08:06 PM
يصادف اليوم ذكرى نكسة حزيران عام ١٩٦٧ أو حرب الايام الستة ، وكيفما كانت التوصيفات لكنها شكلت منعطفا رئيسيا في الصراع العربي الإسرائيلي لا زال العالم يعيش تداعياته حتى اليوم ، فقد شكلت تلك الحرب انتكاسة تاريخية للعرب بشكل عام والفلسطينيين بشكل خاص ، حيث خسرنا بها الضفة الغربية و قطاع غزة وشبه جزيرة سيناء وهضبة الجولان ، وتحطمت معها معنويات الجيوش العربية وأسلحتها ، وتهجر عشرات الآلاف من الفلسطينيين من الضفة الغربية وإطلاق العنان للاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية.
تداعيات هذه الحرب لا تزال قائمة إلى هذا اليوم ، ومع أن دولة الكيان الغاصب أعادت صحراء سيناء لمصر ، إلا أنها ضمت القدس الشرقية وهضبة الجولان في خطوة لم يعترف بها المجتمع لدولي ، كما ولا تزال إسرائيل تحتل الضفة الغربية وتوسع الاستيطان فيها ، في حين انسحبت بشكل أحادي الجانب من قطاع غزة الذي تفرض عليه حصارا مطلقا منذ عام ٢٠٠٦. ومن وجهة نظر إسرائيلية كانت حرب يونيو/ حزيران أول محاولة عربية كبيرة للقضاء نهائيا على الدولة العبرية الفتية.
ان الخامس من حزيران سيبقى تاريخا شاهدا على موقف الجيش العربي الأردني في الدفاع عن ثرى فلسطين الطهور حيث وقف البواسل وحيدين ومعهم الله جنبا الى جنب مع رفاق الدم اخوتهم الفلسطينيين والاحرار ليواجهوا اعتى اله عسكرية ، حيث خاضوا اشرس المعارك ، فكانت المواجهة رغم التفوق العسكري لقوات الغزو الاسرائيلية ، لكن هذا التاريخ المشرف ذاته هو عنوان فخار ومجد فقد سطرت صفحاته دماء الاردنيين وتضحيات وبطولات جيشنا العربي في ساحات البطولة دفاعا عن القدس وعن سائر الثرى الفلسطيني ، لكن التاريخ لن يرحم تخاذل المتآمرين من اعوان الإمبريالية والصهيونية ، فكانت الهزيمة القاسية للجيوش العربية وصمة عار تكلل جبين كل المتخاذلين على الحقوق العربية في ذلك التاريخ الذي شكل امتدادا وتكاملا مع تاريخ النكبة والذي على أثرها أعلن قيام الكيان الصهيوني البغيض ، وشرد الملايين من أبناء الشعب العربي الفلسطيني في المنافي والشتات ، فقد جاء ليكون حلقة أخرى من الوهن والضعف العربي ، الذي منح العدو الصهيوني الفرصة ليستلب ويسيطر على باقي الأراضي العربية ، لتكون نكسة وليست مجرد هزيمة عسكرية ، بل سيطرة تامة على قلب الامة .
منذ ذلك التاريخ والقضية الفلسطينية تعيش تفاصيل مأساوية دامية ، وأبناؤها يدفعون ضريبة تمسكهم بحقوقهم، ويدافعون عن أرضهم ومقدساتهم غير آبهين بآلة القتل والحصار والدمار التي ما فتئت تواصل إرهابها الذي تؤججه أساطير التلمود وعنصرية بني صهيون.
لقد سقطت كل فلسطين في ظل تفكك الأمة وانسلاخها عن مقومات النهضة والانتصار ، وازدادت عوامل التفكك والتقسيم، ووصلت أوضاعها الداخلية حدوداً فاضحة من الظلم والاضطهاد والعمل على قهر إرادة الشعوب التواقة لتغليب الارادة والخلاص واستعادة الحقوق المنهوبة .
ما زالت اولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين تتهاوى يوما بعد يوم وتهوّد والأقصى يقتحم والأنفاق تحفر من أسفله وتاريخ المدينة يسرق ويصادر وأهلها يقتلعون من بيوتهم التي تتحول فيما بعد إلى كنس ومبانٍ توراتية.. ولا زلت المفاوضات عقيمة تشكل غطاء لضياع الحقوق المقدسة بكل ما تحمل من قيمة في تاريخ الأمة وعقيدتها وثقافتها.
في هذه الذكرى يتمسك ابناء فلسطين بالثوابت ويتشبثون بالحقوق ، فهذه تحية اجلال إلى الشعب العربي الفلسطيني على امتداد فلسطين والشتات … و إلى الشعوب العربية والإسلامية المدافعة عن الحقوق السليبة والتواقة لتخليصها من براثن المحتلين الغاصبين ..
التحية الى أرواح الشهداء الأكرمين الذين قضوا مدافعين عن فلسطين والقدس وإلى كل الاسرى الأبطال والجرحى الميامين.
والله المستعان